على الوصف ويدل على فساد ما خرجه الزمخشريوصحة قول النحاةإرتفاع الأسماء الظاهرة بعد هنيئا مريئا ولو كانا منتصبين إنتصاب المصادر المراد بها الدعاء لما جاز ذلك فيها كما لا يجوز أن يقال : في سقيا لك ورعيا سقيا الله تعالى لك ورعيا الله لك وإن كان ذلك جائزا في فعل والدليل على جواز رفع الأسماء الظاهرة بعدهما قول كثير : هنيئا مريئا غير داء مخامر لعزة من أعراضنا ماأستحلت فإن ما مرفوعة بما تقدم من هنيئا أو مريئا على طريق الأعمال وجاز الإعمال في هذه المسألة وإن لم يكن بينهما رابط عطف لكون مريئا في الغلب لا يستعمل إلا تابعا لهنيئا فصارا كأنهما مرتبطان لذلك ورد بأن سيبويه قال : هنيئا مريئا صفتان نصبهما نصب المصادر المدعو بها بالفعل غير المستعمل إظهاره المختزل لدلالة الكلام عليه وفيه أنه ليس بنص فيما ذهب إليه الزمخشري لإحتمال أنه أراد أنهما صفتان منصوبان على الحالية والعامل فيهما فعل محذوف يدل الكلام عليه كالمصادر المدعو بها في أنها معمولة لفعل محذوف يدل الكلام عليه ويؤيد ذلك أنه قال بعد ذلك كأنهم قالوا : ثبت ذلك هنيئا فإن هذا مما يقال : على تقدير إقامتهما مقام المصدر ومن هنا قال السفاقسي : إن مذهب سيبويه والجماعة أنهما حال منصوب بفعل مقدر محذوف وجوبا لقيامهما مقامه كقولك : أقائما وقد قعد الناس وأعترض بهذا على ما تقدم من إحتمال جعلهما حالا من الضمير المنصوب في كلوه إذ عليه يكونان من جملة أخرى لا تعلق لهمابكلوامن حيث الإعراب .
وأعترض أيضا على الإستدلال بالبيت على رفع الظاهر بهما بأنه لا يتم لجواز أن تكون ما مرفوعة بالإبتداء ولعزة خبره أو مرفوعة بفعل مقدر وكيفما كان الأمر يكون قوله سبحانه ذلك عبارة عن التحليل والمبالغة في الإباحة وإزالة التبعة وفي كتاب العياشي من الإمامية مرفوعا إلى علي كرم الله تعالى وجهه أنه جاءه رجل فقال : ياأمير المؤمنين إن في بطني وجعا فقال : ألك زوجلا قال نعم : قال أستوهب منها شيئا طيبة به نفسها من مالها ثم أشتر به عسلا ثم أسكب عليه من ماء السماء ثم أشربه فإني سمعت الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه : وأنزلنا من السماء ماء مباركا وقال تعالى : يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس وقال عز شأنه : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا فإذا أجتمعت البركة والشفاء والهنيء والمريء شفيت إن شاء الله تعالى ففعل الرجل ذلك فشفى وأخرج عبد بن حميد وغيره من أصحابنا عن علي كرم الله تعالى وجهه ما يقرب من هذا بلفظ إذا أشتكى أحدكم فليسأل أمرأته ثلاثة دراهم أو نحوها فليشتر بها عسلا وليأخذ من ماء السماء فيجمع هنيئا مريئا وشفاء ومباركا .
وأخرج إبن جرير عن حضرمي أن أناسا كانوا يتأثمون أن يرجع أحدهم في شيء مما ساقه إلى أمرأته فنزلت هذه الآية وفيها دليل على ضيق المسلك في ذلك ووجوب الإحتياط حيث بنى الشرط على طيب النفس وقلما يتحقق ولهذا كتب عمر رضي الله تعالى عنه إلى قضائه أن النساء تعطين رغبة ورهبة فأيما أمرأة أعطت ثم أرادت أن ترجع فذلك لها .
وحكى الشعبي أن رجلا أتى مع أمرأته شريحا في عطية أعطتها إياه وهي تطلب أن ترجع فقال شريح : ردها عليها فقال الرجل : أليس قد قال الله تعالى : فإن طبن لكم قال : لو طابت نفسها عنه لما رجعت فيه وعنه أقيلها فيما وهبت ولا أقيله لأنهن يخدعن والذي عليه الحنفيون أن الزوجة إذا وهبت شيئا للزوج ليس لها الرجوع