جارية مما قبلها مجرى التعليل وآتوا النساء أي أعطوا النساء اللاتي أمر بنكاحهن صدقاتهن جمع صدقة بفتح الصاد وضم الدال وهي كالصداق بمعنى المهر وقريء صدقاتهن بفتح اصاد وسكون الدال وأصلها بضم الدال فخففت بالتسكين و صدقاتهن بضم الصاد وسكون الدال جمع صدقة بوزن غرفة وقريء صدقتهن بضم الصاد والدال عل ىالتوحيد وأصله صدقة بضم الصاد وسكون الدال فضمت الدال إتباعا لضم الأول كما يقال : ظلمة وظلمة نحلة أي فريضة قاله إبن عباس وإبن زيد وإبن جريج وقتادة فإنتصابها على الحالية من الصدقات أي أعطوهن مهورهن حال كونها فريضة من الله تعالى لهن .
وقال الزجاج وإبن خالويه : تدينا فإنتصابها على أنها مفعول له أي أعطوهن ديانة وشرعة وقال الكلبي : هبة وعطية من الله وتفضلا منه تعالى عليهن فإنتصابها على الحالية من الصدقات أيضا وقيل عطية : من الأزواج لهن فإنتصابها على المصدر أو عل ىالحالية من ضمير آتوا أو من النساء أو من صدقاتهن .
وأعترض بأن الحال قيد للعامل فيلزم هنا كون الإيتاء قيدا للإيتاء والشيء لا يكون قيدا لنفسه وأجيب بأن النحلة ليست مطلق الإيتاء بل هي نوع منه وهو الإيتاء عن طيب نفس فالمعنى أعطوهن صدقاتهن طيبي النفوس بالإعطاء أو معاطاة عنطيب نفس و عليه فالمصدر مبين للنوع فإن قلت : إن النحلة أخذ في مفهومها أيضا عدم العوض فكيف يكون المهر بلا عوض وهو في مقابلة البضع والتمتع به أجيب بأنه لما كان للزوجة في الجماع مثل ما للزوج أو أزيد وتزيد عليه بوجوب النفقة والكسوة كان المهر مجانا لمقابلة التمتع بتمتع أكثر منه وقيل : إن الصداق كان في شرع من قبلنا للأولياء بدليل قوله تعالى : إني أريد أن أنكحك إحدى إبنتي إلخ ثم نسخ فصار ذلك عطية أقتطعت لهن فسمى نحلة وأيدغير واحدقول الكلبي : بأن ما وضع له لفظ النحلة هو العطية من غير عوض كما ذهب إليه جماعة منهم الرماني وجعل من ذلك النحلة لديانة لأنها كالنحلة التي هي عطية من الله تعالى والنحل للدبر لما يعطى من العسل والناحل للمهزول لأنه يأخذ لحمه حالا بعد حال كأنه المعطيه بلا عوض والمنحول من الشعر لأنه نحلة الشاعر ما ليس له وحينئذ فمن فسر النحلة بالفريضة نظر إلى أن هذه العطية فريضة والخطاب على ما هو المتبادر للأزواج وإليه ذهب إبن عباس وجماعة وأختاره الطبري و الجبائي وغيرهما قيل : كان الرجل يتزوج بلا مهر يقول : أرثك وترثيني فتقول : نعم فأمروا أن يسرعوا إلى إعطاء المهور وقيل : الخطاب لأولياء النساء فقد أخرج إبن حميد وإبن أبي حاتم عن أبي الصلح قال : كان الرجل إذا زوج أيما أخذ صداقها دونها فنهاهم الله تعالى عن ذلك ونزلت وآتوا النساء إلخ وروى ذلك الجارود من الإمامية عن الباقر رضي الله تعالى عنه وهذه عادة كثير من العرب اليوم وهو حرام كأكل الأزواج شيئا من مهور النساء بغير رضاهن فإن طبن لكم عن شيء منه الضمير للصدقات وتذكيره لإجرائه مجرى ذلك فإنه كثيرا ما يشار به إلى المتعدد كقوله تعالى : قل أؤنبئكم بخير من ذلكم بعد ذكر الشهوات المعدودة وقد روى عن أبي عبيدة أنه قال : قلت لرؤبة في قوله : فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد توليع البهق إن أردت الخطوط : فقل كأنها وإن أردت السواد والبلق فقل كأنهما فقال : أردت كأن ذلك ويلك أو للصداق الواقع موقعه صدقاتهن كأنه قيل : وآتوا النساء صداقهنوالحمل على المعنى كثير ومنه قوله تعالى :