الدكتور عبّاس خامه يار في حوار مع KHAMENEI.IR

حضارة الأرض الفلسطينيّة تعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد/ عمر المقاومة الفلسطينيّة أكبر من تاريخ الكيان الصهيوني

حضارة الأرض الفلسطينيّة تعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد/ عمر المقاومة الفلسطينيّة أكبر من تاريخ الكيان الصهيوني

ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي نصّ الحوار الذي أجراه مع الخبير في شؤون منطقة غرب آسيا الدكتور عبّاس خامه يار حول حضارة الأرض الفلسطينيّة وعراقة شعبها وعمر المقاومة الذي هو أكبر من تاريخ الكيان الصهيوني، كما يتمّ الحديث حول مستقبل فلسطين بعد عمليّة «طوفان الأقصى» في ظلّ مجازر الكيان الصهيوني وجرائم الإبادة التي يرتكبها بحقّ الشعب الفلسطينيّ الصابر والشجاع.


يقول قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، عن عراقة الأمة الفلسطينية، إن الشعب الفلسطيني له ثقافة وتاريخ وحضارة. لقد عاش في هذه البلاد منذ آلاف السنين. إنه شعبٌ غيور وعريق. الشعب الفلسطيني ليس شعب اليوم والأمس؛ فهو متجذر لآلاف السنين. ما تقييمكم لهذا الجزء من تصريحات سماحته عن عراقة الشعب الفلسطيني وحضارته؟

بالمناسبة، هذه نقطة مهمة جداً، والسؤال مهم أيضاً، وذلك الشرح الذي تفضل به قائد الثورة الإسلامية لهذه النقطة مهم جداً. الحقيقة أن لفلسطين قدسية خاصة في قلوب المسلمين والمسيحيين مهما كانت توجّهاتهم، ويعود تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد، بل يقال إنه في الواقع من 15 ألف سنة إلى سبعة آلاف سنة قبل الميلاد، وكان هذا المكان في الحقيقة موقعاً ومهبطاً للوحي، أي إن معظم الرسالات الإلهية والأديان السماوية نزلت هنا، وفي الواقع بُعث الأنبياء إلى هنا، ولهذا لها مكانة خاصة. إنها أرض مقدّسة وقد هاجر إليها عدد من الأنبياء. جاء حضرة النبيّ إبراهيم (ع) إلى فلسطين بعد أن كان في العراق، هو وزوجه سارة وآخرون، وهذا الأمر مذكورٌ في القرآن الكريم حيث يقول: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} (الأنبياء، 69) ثمّ ذُكرت هذه المسألة في موضعٍ آخر في القرآن حيث يقول: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} (المائدة، 21). هذه الأرض المقدّسة هي أرض فلسطين الحاليّة، وثمّة أحاديثُ كثيرةٌ في هذا الصّدد.

هذا التاريخ تاريخٌ قديمٌ، والمسجد الأقصى كان أوّل قبلةٍ قبل أن تغدوَ مكّة قبلة المسلمين، وهو ثالث الحرمين الشريفين. المسيحيون أيضاً يعتقدون بقدسيّتها، فمهد ميلاد النبي عيسى (ع) كان في مدينة بيت لحم، وفي الحقيقة إنّ هذه الأرض هي التي جُعلت أرضاً للمعراج، ومنها عرج النبي محمد (ص) إلى السّماء.

ثمّة نقاشاتٌ تفصيليّةٌ في هذا الصّدد، فقد فُرض وفُسّرَ كثيرٌ من المسائل، وهناك أحاديثُ كثيرةٌ في هذا المجال. وكانت هذه المنطقة أوّل منطقة دخلها العرب الكنعانيّون واستقرّوا فيها.

على مرّ التاريخ، آلاف السنين قبل الميلاد، كان للناس حضورٌ فعّالٌ هنا وعاشوا فيها من حضارات شتّى، وجاؤوا إلى هذه المنطقة من أماكن مختلفة، وهاجروا لأسبابٍ مختلفة، وفي الواقع كانت من المناطق الرئيسية للكنعانيين. إن الكنعانيين من العرب الأصيلين، وهم مَن استوطنوا في هذه المنطقة منذ البداية.

دائماً على مرّ هذا التّاريخ – للأسف - كان اليهود يمارسون أفعالاً - رغم أنهم كانوا أقليّة لكنهم دائماً يثيرون المشكلات في تاريخ هذه السنوات والقرون - تتسبّبُ في طردهم من الحكّام والنّاس، وبأساليب مختلفة، ثم يعودون مرة أخرى ويُمنحنون الأمان، ثم يتكرّر كلّ شيءٍ على نفس المنوال. فلا بدّ من القول إنّ فلسطين، بهذه الخلفية التاريخية والمكانة الحضارية، لعبت دائماً دوراً منمّياً لحضارة المنطقة، والمدن المعروفة لدى الجميع اليوم، مثل عسقلان وبيسان وعكا وحيفا والخليل وأسدود وبئر السبع وبيت لحم، كلّها في الواقع متجذّرة في أرضِ كنعان، وهذه هي الأسماء القديمة والتاريخية لهذه الأرض الحضارية. في الواقع إن من الأساليب المهمة للمحتلّين تغيير هذه الأسماء التاريخية والحضاريّة وخلق نوع من التّهويد في هذه المنطقة.

كُتب عدد من الكتب في هذا الصّدد. يشير البروفيسور روبنسون إلى هذه القضيّة في كتابه عن تاريخ «إسرائيل» ويعترف بحقّ الشعب الفلسطيني في امتلاك هذه الأرض بسبب قدم تاريخه، وهناك مؤلفات كثيرة في هذا الصدد أيضاً.

في العصر الإسلامي، وعندما اهتمّ الخليفة الأول بتحرير فلسطين ووضعها ضمن نطاق أراضي الدّولة الإسلاميّة، وعند فتح تلك المنطقة على يد الخليفة الثاني، صارت منطقة فلسطين جزءاً من الدولة الإسلامية فعليّاً، وحافظت على مكانتها الخاصة في العصور المختلفة، سواء في العصر الأموي أو العباسي، وفي العصور التي تلتها حتى العثماني.

الوثائق التي نُشرت أثبتت ذلك تماماً. عام 1913 عندما أُبرمت اتفاقيّة «سايكس-بيكو» بين بريطانيا وفرنسا، قسّمتا بلاد الشام بينهما، ثم تركتا أمر فلسطين لبريطانيا لتحدّد مصيرها. عام 1917، مع البيان الذي أصدره وزير الخارجيّة البريطاني كوعد بلفور، خلق أساساً غير لائق أبداً لأول مرة في التاريخ المعاصر، وهو أن تلك الأرض التي كانت مملوكة لسكّانها الأصليين ولم تكن عليها وصاية بريطانية سُلبتبالقوّة من السكّان الأصليّين، ثم أعطيت لأقوام آخرين كانوا منتشرين في جميع أنحاء العالم وحدثت الفاجعة. لقد بدأ البريطانييون تهويد تلك المنطقة منذ 1917، وكان ذلك أفظعَ حدثٍ في تاريخ العالم، وأدّى إلى ظهور كيان في المنطقة وبين الدول الإسلامية يُعدّ المتراس الاستعماري للغرب.

هناك سؤال آخر يتعلّق بالمقاومة الفلسطينيّة وتاريخها. وكما تعلمون المقاومة والصمود والثبات دائماً جزء لا يتجزأ من خصائص الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة. وهذا يعني أن مقاومة الشعب الفلسطيني ليست شيئاً مرتبطاً باليوم والأمس فقط، بل هي متجذّرة في التاريخ. ما رأيكم في هذا الأمر؟

منذ 1913، عبّر جيمس بلفور، وزير الخارجية البريطاني الذي وعدَ بإقامة وطن في جزء من فلسطين لليهود وبدعم منه -كذلك الرئيس الأمريكي آنذاك الذي أخذ هذه المسألة على عاتقه أيضاً - واستناداً إلى تلك الوثيقة والبيان المشين بشأن إقامة وطنٍ قوميٍّ لليهود في فلسطين، عبّر بأنّه سوف يبذل قصارى جهده لتحقيق هذا الهدف. كان اليهود في ذلك الوقت يشكّلون 11% من سكّان فلسطين، وهذه من أغرب الوثائق الدوليّة في التاريخ، التي مَنحت بموجبها حكومة استعماريّة أرضاً ليست ملكها في الأساس على حساب أناسٍ يملكونها ولهم الأحقيّة فيها، أي الفلسطينيين، وأعطتها لمن لا يستحقّونها أصلاً، أي الصهاينة، الأمر الذي أدّى إلى احتلال وطن وتهجير شعبٍ بطريقةٍ غير مسبوقة في التاريخ. ومنذ تلك اللّحظة حتى اليوم، بدأ الشعبُ الفلسطيني نضالَه.

تعلمون أنه منذ البداية عُيّنَ وزير صهيوني في الحكومة البريطانية اسمه هربرت صموئيل أول سفير كبير لبريطانيا العظمى في هذه الأرض المحتلّة، ونفّذ كل أعمال التهويد وتهجير الفلسطينيين واستقبال يهود العالم، وسنّ مئات قوانين النّهب وتغيير اللغة الرسمية من العربية إلى العبرية وتشكيل مؤسسات صهيونية موازية لخلق سياقٍ للهجرة اليهودية إلى هذه المنطقة. لذلك إن هذه المقاومة بدأت منذ تلك اللحظة على يد الفلسطينيين ومع العديد من الشخصيات المشهورين والعلماء واستمرت بطرقٍ مختلفة، لكن كانوا يُقمعون ويُقتلون. ما يوجد اليوم باسم دير ياسين في أذهاننا كمدينةٍ أو قريةٍ يُذبح فيها الفلسطينيون والصور لدينا عن هذه القضية نموذج عن آلاف القرى التي لقيت مثل هذا المصير، سواء مصير دير ياسين أو مجزرتي مخيّمَي صبرا وشاتيلا اللتين ارتكبهما شارون في بيروت عام 1983 عندما اجتاحت القوات العسكرية الصهيونية بيروت.

لقد صُوّرَت هذه المجازر أو سُردت روايتها في التاريخ المعاصر، لأنه كان هناك إعلام حاضر وربما صحفيون، وإلّا هذا القمع والجرائم ارتكبت أيضاً في أماكن مختلفة من فلسطين ومدن مختلفة.

أحد الشخصيات اليهودية الشهيرة اسمه إيلان بابي له كتاب تُرجم إلى لغات العالم المختلفة، وكان أستاذاً في جامعة تل أبيب، ولكن بعد ذلك طُرد من "إسرائيل" وجُرّدَ من جنسيّته، وذهب إلى لندن والآن يدرس في الجامعات الإنكليزية. بابي هذا ألّف كتاباً بعنوان «التطهير العرقي في فلسطين»، ووثّق جميع جرائم الحرب والجرائم التي ارتكبها الصهاينة بحق الفلسطينيين في القرى المختلفة بالوثائق والتواريخ. هذا الكتاب في الواقع هو دلالة على المظلوميّة والقتل اللذين تعرّض لهما الشعب الفلسطيني في كل مكان في تلك المدن والقرى منذ 1920 حتى اليوم. المثال على ما أريد قوله هو أن ما نراه يحدث في غزة اليوم حدث أو لا يزال في كل أنحاء فلسطين لكن بحجم أقل. لذا، عانى الناس كثيراً خلال هذه السنوات وقاوموا وقدموا الآلاف من الشهداء.

بحسب الإحصاءات، وفي 1948، أي ما يسمى في الأدب الفلسطيني حرب النكبة، وحتى ذلك العام دُمّرت 774 مدينة وقرية بشكلٍ كامل، وارتكب أكثر من 70 مجزرةً بحقّ الفلسطينيين سقط خلالها 15 ألف ضحيّة. وكما قلت، دير ياسين أحد هذه الأمثلة، وإلّا فالإحصاءات مروعة.

إن عدد السكان الفلسطينيين، الذي يبلغ 12.700.000 نسمة، مقارنة بعددهم عام 1948، زاد الآن 9 مرات لكنه تعرّض للعدوان والمجازر على يد الكيان الصهيوني بالنسبة نفسها. 6 ملايين و410 آلاف فلسطيني شرّدهم الكيان الصهيوني، ويستمر هذا التهجير في المخيمات التي أنشئت لهم في لبنان والأردن وسوريا ومصر والعراق حيث يعيش هؤلاء أسوأ الظروف المعيشية، ويقضون سنوات طويلة على أمل العودة إلى ديارهم ووطنهم، ومفاتيح بيوتهم معلّقة في صدورهم.

ولذلك الظلم الذي يجري ارتكابه الآن لتهجير سكان غزة هو في الواقع استمرار لنفس الظلم التاريخي الذي مارسه الصهاينة بدعم من البريطانيين. واليوم وللأسف، يجري ارتكاب الظلم نفسه بالشدّة عينها، وربما بوتيرة أكبر بدعم من الأميركيين والعالم الغربي. لقد صدر منذ 1948 أكثر من 88 قراراً من الأمم المتحدة دفاعاً عن الفلسطينيين لكنهم ظلّوا يتعرضون للظلم والتعذيب والقتل والنهب والقمع، ولم يلتزم الصهاينة لو بنداً واحداً من هذه القرارات.

شهدنا خلال الأسبوعين الماضيين سلسلة من التطورات غير المسبوقة في فلسطين المحتلة. وقبل أسبوعين، وجّهت المقاومة ضربة قاتلة إلى الكيان الصهيوني خلال عملية غير مسبوقة كانت وفق الصهاينة أنفسهم أكبر فشل استخباراتي وعسكري لهم. بعد ذلك، بدأ الكيان الصهيوني الإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة. الحقيقة أن تل أبيب، بعد عجزها عن مواجهة المقاومة وتعويض هزيمتها، وضعت على جدول أعمالها خيار الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة. نظراً إلى هذه التطورات، كيف ترون مستقبل فلسطين؟

هذه نقطة مهمّة جداً، ووصفها قائد الثورة الإسلامية بالزلزال، وهي إحدى عمليات الفلسطينيين في مواجهة العدو. إنّه زلزال حقاً! لقد سمعنا ذات مرة مصطلح الزلزال من لسان قادة الكيان الصهيوني عام 1979 مع انتصار الثورة الإسلامية، حين قالوا إن الثورة زلزال سيؤثر في الكيان الصهيوني، وكان الأمر كذلك حقاً. ولأول مرة بعد 45 عاماً، يجري إطلاق وصف الزلزال من الإمام الخامنئي على هذه العملية، وهذا يدل على أنه ربما تكون «طوفان الأقصى» هذه ارتداداً لذاك الزلزال الرئيسي.

كان من حق الفلسطينيّين أن ينفّذوا هذه العملية لأنهم في سجن كبير، وبخاصة أهل غزة المحاصرون من ستّ جهات، ويتعرضون لذلك القتل والضغط والحرمان. كان جدار الفصل الذي تبلغ تكلفته مليار دولار والمزود بأنظمة الأمن الإلكترونية المجهّز أشدّ تجهزٍ يحاصر هؤلاء الناس، وهذا الموت التدريجي، وهذا الجوع، والنقص في المياه والكهرباء، كله جعل الناس يضيقون ذرعاً. في الحقيقة إن أهل التضحية فضّلوا الشهادة على الموت التدريجي، ولهذا فجّروا هذا الزلزال ونفذوا عملية إعجازية بالتوكل على الله.

طبعاً هذا العمل إنجازٌ عظيمٌ. وبحسب تعبير الأميركيين وقادة الكيان الصهيوني أنفسهم، هذه العملية عرّضت وجود هذا الكيان للخطر، وكان الفلسطينيون يتوقعون رد الفعل هذا أيضاً لكن لم يكن أمامهم خيار سوى المقاومة.

أعتقد أنه مع ممارسات القتل وهذه الضغوط وتجويع الناس في غزة والضفة الغربية، ومع الإمكانات الحربية والسفن الحربية الأمريكية ومع دعم الغرب، لن يستطيعوا كسر الشعب الفلسطيني. لقد واصل هذا الشعب المقاومة منذ أكثر من 120 عاماً، واستمرت هذه الضغوطات وعمليات الإبادة الجماعية في المدن والقرى المختلفة.

شهدنا انتفاضة الحجارة الأولى والثانية، أي كان الشعب الفلسطيني يذهب إلى مواجهة العدو بالحجارة ولم يمتلك إمكانات، وكان الأطفال والرجال والنساء يستشهدون. لكن اليوم تحولت انتفاضة الحجارة تلك إلى انتفاضة وثورة غير مسبوقة ولم تعد أدواتها الحجارة بل صارتمنظومة صاروخية ودفاعية. نرى نتائجها ومنها أسر المئات وقتل وجرح الآلاف من الصهاينة، وهذا تطورٌ كبيرٌ وغير مسبوقٍ في سنوات النضال والمواجهة التي خاضها الشعب الفلسطيني مع المحتلين.

هذا المسار التاريخي يقودنا إلى الطريقة التي سيواصل بها الفلسطينيون مقاومتهم، وهذه حلقة في سلسلة نضالات هذا الشعب. رغم كل هذه الضغوط، لا يزال الناس غير مستعدين لترك أرضهم وباقين في منازلهم ويستشهدون ويصرخون: إننا باقون. يحتضن الشعب قوى المجاهدين من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» والفصائل الفلسطينية ويدعمها رغم تهديد العدو، وهذا التلاحم غير مسبوق ولا مثيل له في تاريخ نضالات حركات التحرير في العالم. إن هذا التلاحم بين الناس وأبنائهم المجاهدين فريد من نوعه وغير مسبوق. وبهذا المشهد والإرادة والتّأييد من شعوب العالم الأحرار، لن تنطفئ شعلة المقاومة المتوقّدة هذه حتماً.

قضية فلسطين اليوم قضيّة إنسانية. إنها ذات أبعاد تتجاوز البعد الديني والمذهبي والجغرافي والقومي والعرقي، ونشاهد هذا الأمر في كل أنحاء العالم. لذلك هناك أمل حقيقي رغم ممارسات القتل والضغوط. من المؤكد أن الكيان الصهيوني يعيش أسوأ حالاته، ولو كان الأمر خلاف ذلك، ما حضرت الأساطيل الأمريكية ورئيس أكبر قوّة عالميّة كما يسمونه في الأراضي المحتلة ليأخذ معه هذه الإمكانات وآلاف الأطنان من أسلحة الدمار الشامل! هذا يدل على الضعف الذي وصل إليه هذا الكيان.

إن ثمرة مقاومة الشعب الفلسطيني والزلزال في الأراضي المحتلة ستكون كبيرة وعظيمة جداً، وستؤثر في الكيان الصهيوني لسنوات طويلة، وتحدث تغييرات كبيرة في هذا الكيان، إذا بقي طبعاً.

يقول أحد الكتّاب، وهو يهودي صهيوني يدعى رون كفمن: «خطط القائد الفلسطيني ذو الذراعين المبتورتين والعين الواحدة محمد الضيف لهذه الحرب بدقة، فبالسيطرة على 20 مستعمرة و11 قاعدة عسكرية، زجّنا في حالة من الفوضى قد تستمر خمسين عاماً. حتى لو تمكنّا من قتل قادة "حماس" في الخارج ومن في الأنفاق، فإن الفاجعة التي حدثت في غلاف غزة لن تُنسى».

يقول هذا الكاتب: سنبقى متأثرين منها خمسين عاماً، هذا إنْ بقي لـ«إسرائيل» عمرٌ، فلا أحد يعتقد بذلك. الصهاينة أنفسهم حذروا مراراً قبل وقوع هذه الأزمة خلال الحروب والاشتباكات من أن عمر هذا النظام لن يصل إلى ثمانين عاماً.

لذلك هذه الضربة كبيرة. لقد كانت مقاومةً مذهلة، وبإرادة الفلسطينيين وعزيمة المجاهدين الفلسطينيين، أعتقد أنهم سيتجاوزون هذا المنعطف التاريخي ويخرجون منه منتصرين، وسيخطون خطواتٍ راسخةً أكثر في مسار تحرير أرضهم بكل فخر.