حديث التقريب .. الغدير فرصة تاريخية للوحدة

حديث التقريب .. الغدير فرصة تاريخية للوحدة

الغدير فرصة تاريخية للوحدة

يجمع المسلمون على أن رسول الله في السنة العاشرة للهجرة وبعد حجة الوداع استوقف جموع المسلمين العائدين بعد الحج إلى المدينة المنورة في منطقة غدير خم وألقى فيهم خطبة أبلغ فيها المسلمين بتنصيب علي بن أبي طالب(ع) إمامًا للمسلمين، ومما جاء في نصّ الخطبة عبارته المشهورة «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه».
وبعدها أقدم المسلمون أفواجًا على علي(ع) ليهنئونه بالمقام.
والخطبة من الأحاديث المتواترة بين المسلمين، وأشتهرت في كتب التراث التاريخي والأدبي إضافة إلى كتب الحديث، وجمعها الشيخ العلامة الأميني في كتابه (الغدير) فكانت 11 مجلدًا.
هذه الحادثة يمكن أن تكون عاملاً على وحدة المسلمين وتعيين وجهتهم في كل العصور.
فهي: أولاً: تبين مدى اهتمام رسول الله(ص) أن تستمر ولاية المسلمين بعده، وأن لا يبقى المسلمون بدون إمام يقودهم نحو تحقيق أهداف الرسالة، ويقيهم مما يمكن أن يعتري المسيرة من انحراف.
وثانياً: تبين هذه الحادثة اهتمام صاحب الرسالة بمواصفات القيادة الإسلامية، فهي للأعلم والأورع والأتقى والأشجع، وكان عليّ مشهورًا بين المسلمين بهذه المواصفات الى أبعد مدى.
إذن فحادثة الغدير ترسم خارطة الطريق لمسيرة المسلمين بعد انتقال الرسول(ص) إلى الرفيق الأعلى، وهي ترسم معالم هذا الطريق إلى المسلمين حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وأي شيء يمكن أن يجمع المسلمين ويحافظ على عزّتهم وكرامتهم ويصونهم من ذهاب ريحهم أفضل من القيادة الصالحة؟!
إن ما عاتاه العالم الإسلامي في تاريخه وما يعانيه اليوم هو بسبب فقدان تلك القيادة التي تعيش الهموم الرسالية وهموم مصالح الأمة وتضحّي بمصالحها الفردية والقبلية والفئوية من أجل المصلحة الإنسانية الإسلامية العليا.
لقد كان عليًا (ع) في قمة هذه المواصفات وكل القيادات التي خرجت من قوقعة ذاتياتها كانت بدرجة وأخرى على طريق هذه المواصفات، وكل القيادات التي عاشت لأهدافها الدنيوية الضيقة كانت ترى في الإمام علي عدوا لمصالحها الذاتية والدنيوية، ولذلك شكلت جبهة معادية للإمام ولأهداف الإمام وللسائرين على طريق الإمام.
من هنا تشكلت على مرّ التاريخ جبهتان جبهة موالية لعليّ ولأهداف عليّ، وجبهة معادية لهذه الأهداف ويشملون النواصب وكل الذين يحملون أهدافًا عدوانية للبشرية.
والجبهة الموالية لعليّ هم كل المنصفين الذين يحملون أهدافًا سامية في الحياة من الشيعة والسنّة بل من غير المسلمين: وهذا ما عناه الشاعر المسيحي بولس سلامة في قوله:
                                لا تقولوا شيعة هواةُ عليِّ           إنّ في كل منصفٍ شيعيّا
من هنا فإن (الغدير) مناسبة لتوحيد صفوف كل المنصفين وكل طلاب الحقّ والعدالة، ومن الأولى أن يكون خطابًا موجهًا للمسلمين سنويًا بأن يصونوا شخصيتهم الرسالية ويواجهوا التحديات، ويحبطوا المحاولات التي تتخذ من الغدير جهلاً أو غرضًا مبيّتا للتفريق بين المسلمين.
وهنا ندعو المسلمين كافة بل وجميع الأحرار في العالم أن يحيوا ذكرى الغدير في الثامن عشر من شهر ذي الحجة ليكون يومًا للعدالة والأنصاف والقيم الإنسانية السامية، وبالله التوفيق.

 

المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية