الدكتور الشيخ فؤاد المقدادي (ره) رائد من رواد التقريب في العراق
جمع الدكتور الشيخ المقدادي خصائص قلّما تجتمع في شخص فهو استوعب مدرسة الشهيد محمد باقر الصدر فكرًا وعملاً. فكان لا يقرّ له قرار في التفكير بما تستوجب الساحة الإسلامية من متطلبات.
مواقفه السياسية كانت استجابة للشهيد الصدر الذي قال: ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام، فكان في طليعة المدافعين عن الجمهورية الإسلامية وعن مواقفها الدولية بشكل خاص، وعن دفاعها أمام العدوان الصدامي عليها. بل كان من الأصوات المرتفعة في يوم القدس العالمي بسبب تناغمه مع صوت الإمام الخميني الذي أعلن يوم آخر جمعة من رمضان يومًا للقدس كي تبقى مأساة اغتصاب فلسطين عامة والقدس خاصة حية في النفوس تحثّ الأمة نحو استعادة مقدساتها.
وكان في كتاباته على نهج الشهيد الصدر جامعًا بين الأصالة والمعاصرة. لا يحيد عن القرآن والسنة، ولا يبتعد عن رؤية الواقع ومعالجته بالحكمة والموعظة الحسنة.
وهو أيضًا على نهج الإمام الشهيد محمد باقر الصدر في تعاليه على النزعة الطائفية ونظره الواسع إلى الإسلام باعتباره مشروع حياة كريمة، ونظره إلى ما ينشده الإسلام في عقيدته وأحكامه من مقاصد عليا، وعلى رأسها تحقيق كرامة الإنسان وعزّة الإنسان وتأليف القلوب والأخوّة بين المسلمين.
وفي هذا المجال كان ينظر إلى المشكلة الطائفية في العراق بأنها أم المشاكل، فهي الثغرة التي ينفذ منها أعداء العراق للطعن في سيادته الوطنية وهويته الثقافية وهي الستار الذي يختفي وراءه قتلةُ الشعب العراقي وناهبو ثرواته والعابثون بمقدراته، وهي عامل سفك الدماء واستباحة الحرمات، والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد.
ورأى رضوان الله عليه أن وراء هذه النعرة الطائفية من يثير العصبيات من المنتمين إلى أهل السنة، كما أن وراءها من يثير الفتن وينشر الخرافات من المدّعين بالانتماء إلى الشيعة. ووراء هذا وذاك معًا عناصر أجنبية تغذّبها وتسعّر لهيبها، لتحقيق أهدافها في الهيمنة على العراق الحبيب وعلى المنطقة جميعًا.
لقد نشط رضوان الله تعالى عليه في إطار (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية) في العراق، وكان يهتمّ في تفعيل هذه الدار سواء على مستوى الدراسات والبحوث، أو على صعيد الإعلام والطباعة والنشر.
كما نشط رحمه الله تعالى في اتحاد علماء المسلمين في العراق فكان أمينه العام، وكان دائم العطاء في نشاطاته التي جرت جميعًا بمباركة المرجعية العليا في النجف الأشرف آية الله العظمى السيد علي السيستاني.
واثمرت جهود الاتحاد عن إقامة المؤتمر التأسيسي، والمؤتمر العام الأول، ومؤتمر أئمة الجمعة والجماعة، ومؤتمر بدر الكبرى، ومؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي، ومؤتمر الوحدة الإسلامية في مكة المكرمة. فكان الاتحاد يمثل الجهاز التخطيطي للعمل ودار التقريب الجهاز التنفيذي لما يخططه الاتحاد.
ومن مزايا نشاطات الشيخ الفقيد أنه لم يكن يقتصر عمله على الوسط العلمائي، بل وسّع نشاطه إلى الشباب إيمانًا منه بأن الشباب هم بناة المستقبل وهم المستهدفون أولا بالغزو الثقافي الاجنبي. فكان من خلال إقامة الندوات يسعى إلى بناء الشباب فكريًا وروحيًا وعاطفيًا ليكونوا السد المنيع أمام محاولات التفرقة ومحاولات التفرقة ومحاولات شراء الذمم ومحاولات تمييع الهوية.
لنا الثقة الكاملة بأن زملاءه والمتعاونين معه سيقومون بسدّ الثلمة التي تركها ويواصلون طريقه الرسالي فذلك أفضل ما يرضيه رحمه الله ويرضي الله سبحانه.