الخطر الكبير امام الثورة المصرية هو ان تنتكس وسط الطريق او تنسى اهدافها الكبرى

الخطر الكبير امام الثورة المصرية هو ان تنتكس وسط الطريق او تنسى اهدافها الكبرى
الخطر الكبير امام الثورة المصرية هو ان تنتكس وسط الطريق او تنسى اهدافها الكبرى

استقبل سماحة اية الله الشيخ محمد علي التسخيري الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية مساء الخميس بطهران المفكر والناشط إلاسلامي المصري  راسم احمدالنفيس والذي قدم الى ايران بدعوة من المجمع العالمي لاهل البيت (ع) على رأس وفد ضم عددا من الشخصيات السياسية والاعلامية في مصر. 

وحضر اللقاء من الجانب الايراني حجة الاسلام الدكتور محمد مهدي التسخيري رئيس تحرير رسالة التقريب ومدير عام وكالة انباء التقريب(تنـا)، وحجة الاسلام السيد خسرو شاهي السفير السابق للجمهورية الاسلامية الايرانية في مصر والدكتور عليزادة مساعد امين عام المجمع العالمي للتقريب وعددا من المدراء والمسؤولين في المجمع، فضلا عن الاستاذ خاكرند مدير الشؤون الافريقية والعربية في المجمع العالمي لاهل البيت (ع). 

وفي بداية اللقاء تقدم الدكتور النفيس بتعريف الوفد المصري الزائر قائلا انه مكون من عدة تيارات سياسية، وانه "لأول مرة في التاريخ السياسي المصري يحدث ان تتفق مثل هذه التيارات على هدف نبيل وهو توجيه رسالة محبة ومودة وصداقة واخوة الى الجمهورية الاسلامية الايرانية". 

وتابع الناشط الاسلامي المصري قائلا " انا لا ازعم ان هذا العمل يمثل اختراعا ولكنه يكشف عن حقيقة مشاعر الشعب المصري الاخوية الصادقة لنظيره الشعب الايراني، وهي علاقة مودة نشأت بسبب الطبيعة المتشابهة للشعبين الصديقين ولان كلاهما من صناع الحضارة الانسانية". 

ومن جانبه قدم الدكتور النفيس للوفد المصري نبذة عن شخصية سماحة اية الله التسخيري قائلا " للتعرف على سماحته يكفي ان نستمع الى كلمة له لنعرف قيمة هذا الرجل وما قدمه من جهد مؤمن في سبيل جمع كلمة المسلمين ورص صفوفهم". واضاف "ان سماحته جاب اركان العالم لتحقيق اهدافه التقريبية السامية فذهب الى القاهرة ليجلس مع كبار الشخصيات الاسلامية كالشيخ الطنطاوي كما فعل ذلك في بلدان وارجاء اخرى من العالم والتقى مع الكثيرين وتحاور معهم..". 

وشدد المفكر المصري على ان "الجمهورية الاسلامية وضعت لبنة الاساس في توحيد كلمة المسلمين بالرغم من كل الرياح العاتية التي واجهتها في هذا المسار".

ثم تعريفا بأعضاء الوفد قال الدكتور النفيس ان الوفد "يضم عضوین بالبرلمان المصري وهما الدكتور نصر الزغبي والاستاذ عاطف المغوري كما يضم شخصيات سياسية مهمة مثل ابراهيم البدراوي وهو من المناضلين المخضرمين في تاريخ مصر السياسي وايضا الدكتور مهدي زعبل وامين عام حزب التحرير المصري محمود جابر والسيد عبد الحميد المعلا ممثل السادة الاشراف في مصر، فضلا عن صحفيين وصفهم النفیس بأنهم "من افضل من عرفتهم الصحافة المصرية الذين يضعون رسالة الصحافة الامينة نصب اعينهم وينقلون الاحداث بكل مصداقية وشفافية". 

كما اشاد بحضور حجة الاسلام السيد هادي خسروشاهي سفير الجمهورية الاسلامية الايرانية السابق في مصر معتبرا انه "احد اعضاء الوفد المصري لما يحمله من مودة لشعب هذا البلد" معربا عن امله في ان يعود اليها بعد ان عادت المياه الى مجاريها في مايخص العلاقات بعد البلدين. 

بعد ذلك تحدث سماحة اية الله التسخيري مرحبا باسم المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية بالوفد المصري.. 

وقال سماحته في مستهل حديثه "ان الاستعمار اراد لايران ان تكون قلعة وجزيرة لأحلامه كما اراد العدو الصهيوني لهذا البلد ان يكون ممدا لحياته لكن الله تعالى شاء ان تجري ارادته على يد الشعب الايراني الكبير بقيادة الامام الخميني الراحل (رحمه الله) ليفجر ثورته المباركة التي نرى انها افشلت جميع حسابات الاستعمار الذي كان يتصور بأن ايران قاعدة امنة له حيث عبر عنها الرئيس الامريكي السابق نكسون بأن ايران هي جزيرة الامان". 

وتابع سماحته قائلا "لقد استطاع هذا الشعب وبفضل القيادة الحكيمة للامام الخميني(رحمه الله) ان يحطم عرش الطاغوت (البهلوي) الذي كان يدعي بأنه يرث عرش الامبراطورية الفارسية التي تمتد لألفين وخمسمائة عام. وذلك في الوقت الذي كانت تدعمه الدول الكبرى وايضا دول المنطقة كافة ". 

ودعى اية الله التسخيري اعضاء الوفد المصري الزائر ان "ينتهز الفرصة ليرى عن كثب بعض النماذج التي تدل على حماس هذا الشعب المناضل لتطبيق الشريعة الاسلامية". 

واشار سماحته في هذا الجانب الى ان "الشعب الايراني قرر وببركة الثورة الاسلامية ان يطبق الاسلام في كافة مجالات الحياة، وعزم على ان يغير التعليم بكافة اقسامه الابتدائي والمتوسطي والجامعي وان يغيره بقوانيه وباساتذته وبمناهجه ...كما قرر الشعب الايراني ان يغير الاعلام الفاسد الذي كان يتبجح بعرش الطاغوت، فحوله الى جامعات تربي في ابناءه العزة والوطنية والتوق للمستقبل الزاهر". 

واكد سماحته على ان "الثورة الايرانية كانت ثورة تغييرية ولم تكن ثورة اصلاحية، فهي غيرت كل البناء الذي كان قد اقيم على اساس الطاغوت السابق، وذلك في مجالات الأخلاق العامة والتربية والاقتصاد وغيرها من الامور المكونة للمجتمع الايراني". مشيرا الى ان "هذه الجهود الشعبية في ايران واجهت محاولات مستميتة من الاعلام الغربي والصهيوني لتشويه سمعة الثورة الاسلامية الايرانية". 

ومن هذه المحاولات - قال اية الله التسخيري – "انهم وصفوها ثورة شيعية تعمل على دعم التشيع فقط ، كما وصفوها ثورة فارسية ورجعية تريد ان تعون بالبلاد الى القرون الخاوية؛ لكنهم رغم ذلك فشلوا في ايقاف امتدادها الثوري وانتشار انوارها الكبيرة".
 
ثم بارك الامين العام للمجمع العالمي للتقريب نجاح ثورة مصر التي وصفها بـ "ثورة ام البلاد". وشدد سماحته قائلا "إن مصر حقيقة هي ام البلاد وهي المنطقة التي اراد الغرب من خلال غزوها النابليوني ان يستعمر كل الشرق" . 

وتابع قائلا "فهو – الاستعمار - يدرك مدى عظمة مصر ويدرك مدى تاثير مصر على المنطقة.. لكن الحاسوب الغربي في مصر ايضا خلط اعلاه بأدناه وهو يواجه هذه الثورة الكبرى ولم يكن امامه الا ان يركب الموجة، بزعمه ان الشعب المصري سوف ينسى جرائمه التي مارسها بحقه .." مشيرا الى ان "جرائم نظام مبارك على شعبه هي جزء من جرائم الغرب ضد هذه الامة". 

واعرب اية الله التسخيري عن امله في ان تستمر الثورة المصرية بما تملكه من زخم لتحقق كل اهدافها. وشدد سماحته في هذا الجانب على ان "الخطر الكبير الذي يواجه هذه الثورة هو ان تنتكس وسط الطريق وان تنسى اهدافها الكبرى". 

واكد اية الله التسخيري على ان "الايرانيين يعولون كثيرا على ثورة مصر ويكنون لها احتراما كبيرا وان قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي (حفظه الله) يشعر بآلام وآمال شعبنا في مصر ولايقر له قرار وهو يتابع هذه الثورة ويتابع مراحلها ويحاول ان يكون فيها وان يرسل اليها رسائل، لا لشيء ما، وانما لأنه يهتم لأمر مصر ويحب هذه الارض الطاهرة التي حباها اهل البيت (عليهم السلام) بحضورهم فهي ارض آل البيت(ع) وهي ارض الحسين الشهيد(ع) والسيدة نفيسة والسيدة زينب (سلام الله عليهما)، ابطال الثورة الحسينية المعطاءة التي تحولت كل قطرة فيها الى ثورة في التاريخ ..." 

وشدد سماحته على ان "مصر تستطيع ان تؤثر على كافة البلدان العربية والاسلامية لتوجد الثورات في هذه البلاد ". مؤكدا بقوله "اني لست من عشاق الثورة وانما من عشاق التغيير والله تعالى يقول [ ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ]". 

ومضى سماحة الامين العام للمجمع العالمي للتقريب قائلا "ان ما يخافه الشعب الايراني وقادة ايران هو ان تبتلى الثورة المصرية باحد البلائين وكل منهما اشرّ من الاخر؛ الخطر الاول هو ان تنحرف عن اهدافها او تسمح للمنحرفين ان يركبوا الموجة فيحولوها من جديد الى الاتجاه الغربي. والخطر الثاني هو التطرف"؛ مشيرا الى ان " التطرف يفسد كل شيء وحتى العبادة اذا تطرف الانسان فيها تحولت الى رهبانية وكذلك العلم الذي هو نور لكن اذا تطرف الانسان فيه يتحول الى حجاب وظلمات تفصل الانسان عن الحقيقة". 

وشدد اية الله التسخيري في هذا السياق على ضرورة ابقاء الثورة المصرية بعيدة عن التطرف وأن تبقى ثورة وسطية تغييرية. مستدلا برواية شهيرة للامام علي (عليه السلام) حيث يقول [ اليمين والشمال مضلة والطريق الوسطى هي الجادة ]"؛ معربا عن امله بأن "تبقى الثورة المصرية على الجادة والطريق الوسطي وان تستفيد من تجارب الشعب الايراني وكل الشعوب الاسلامية لتتمكن من تحقيق اهدافها الكبرى".

يذكر انه في جانب اخر من هذا اللقاء تحدث اعضاء الوفد المصري كل بدوره عن مواضيع وقضايا اساسية تكمن في اسباب زيارته لايران وايضا اخر المستجدات على الساحة السياسية في مصر وماوصلت اليه الثورة المصرية في تحقيق اهدافها المرجوة، كما الرغبة الشعبية في مصر لتعزيز العلاقات الثنائية مع الشعب الايراني .. 

وكان من بين هؤلاء المتحدثين الناشط السياسي الدكتور مجدي زعبل الذي قال في بداية حديثه انه جاء الى ايران على امل ان يلتقي بسماحة الامين العام للمجمع العالمي للتقريب ليأخذ دروسا من علمه وجهوده وجهاده في مجال التقريب بين المدارس الاسلامية.. 

واكد زعبل قائلا "ان ثورة ٢٥ يناير المصرية – وكما اشار اية الله التسخيري – قامت لتنجح؛ رغم أنها تتعثر الان لكن النجاح امر محتوم بالنسبة لها لانها قامت باسم الشعب المصري بكل احلامه واماله وبكل الامه الكبرى التي عاشها على مدى ثلاثين عاما في حكم حسني مبارك المنتهي". 

من جانبه تحدث عبد الحميد المعلا مندوب السادة الاشراف المصريين مخاطبا سماحة الامين العام للمجمع العالمي للتقريب "نحن نامل بأن تعود العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ومصر ونتابع بكل جدية التهديدات الغربية والصهيونية حيال ايران بسبب ما وصلت اليه من تقنية نووية سلمية معلنين تضامننا مع هذا البلد الاسلامي في مواجهة هذه التحديات". 

الى ذلك قال محمود جابر امين عام حزب التحرير المصري " احمل في زيارتي لإيران تحية وشكر الشعب المصري لسماحته الامام القائد السيد علي الخامنئي (حفظه الله) لمتابعته مجريات الثورة المصرية وايضا لايصال رسالة الشعب المصري الى الشعب الايراني بأن الثورة التي انتصرت عام ١٩٧٩ في ايران هي الشمعة التي اضاءت طريق الثوار المصريين". 

وتطرق جابر في هذا الجانب الى خطاب الامام الخامنئي باللغة العربية الموجه للشعب المصري الذي ابدى فيه سماحته احتراما كبيرا لثورة مصر المباركة. 

وقال امين عام حزب التحرير ان "الشعب المصري هو توأم الشعب الايراني فان كان الشعب الايراني ينتصر للعزة والكرامة والتحول ويجاهد في هذا المعسكر منذ اندلاع الثورة بقيادة مؤذنها ومفجرها الامام الخميني الراحل فالشعب المصري ايضا يعتز بهذه الكرامة بعد ان انجز ثورته وهو يواجه نفس التحديات والمؤامرات الغربية لتحريف مسارها وقلب معادلات المنطقة لمحاولة محاصرة اي امل او ضوء يثأر لكرامة المظلومين ويعيد الكرة على هؤلاء". 

وفي ختام اللقاء اقام سماحة الامين العام للمجمع العالمي للتقريب مأدبة العشاء على شرف الوفد المصري الزائر وقدم لهم هدايا تذكارية تضمنت عددا من اخر اصدارات المجمع ونتاجاته العلمية في مجال التقريب بين المذاهب الاسلامية.