قارن الباحث والمفكر التركي الشيخ موسى ايدين عضو المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية بين الوضع الذي يعيشه الشيعة في تركيا وبين وضع السنة في ايران، وقال ليت الشيعة في تركيا يحصلون على ما يحصل عليه السنة في ايران.

وأوضح خلال مقابلة خاصة مع وكالة أنباء التقریب (تنا) على هامش مشاركته في المؤتمر السابع والثلاثين للوحدة الاسلامية، بأنه ينبغي المقارنة بين المناطق التي يعيش فيها السنة والشيعة سوية في ايران والمناطق التي يعيش فيها السنة والشيعة سوية في العراق على سبيل المثال، فاذا كان هناك انسجام أكثر والسلطات لا تميز بين الفريقين عندها نعرف أن هذا البلد نموذجا في التعايش الطائفي وأن السلطات الحاكمة تعزز هذا الانسجام وتكرسه.
 
وقال: الشيعة في تركيا أقلية ولو قارنا وضعهم مع وضع السنة في ايران، سنرى أن المشاكل التي نعاني منها في تركيا وخاصة المشاكل التي يتسببها المتطرفون والمتشددون لنا أكثر بكثير من المشاكل التي يعاني منها السنة في ايران، نحن مواطنون أتراك ونعيش في هذا البلد لقرون ولكن مع ذلك لا يمكننا تأسيس مدرسة شيعية.
 
وحول ما اذا كانت السلطات الحكومية تدعم هذا التمييز، أوضح بأنه لم يكن هناك اعتراف بسائر المذاهب خلال العهد العثماني، وبعد تأسيس الجمهورية منحت بعض الحريات ولكن بما أن القائمين على الجمهورية كانوا علمانيين فإنهم اجتثوا كل شيء يتعلق بالدين، وبعد نحو 40 عاما غضوا الطرف عن تأسيس المدارس ولكن لم يسمحوا بتأسيسها بشكل رسمي.
 
وأشار الشيخ آيدين الى أن وزارة الديانة التركية لديها آلاف المدارس الدينية الرسمية في العديد من المناطق، والى جانب ذلك هناك مدارس دينية سنية على الطرق الصوفية ولكنها غير رسمية، ورغم كل ذلك فان الشيعة ليس لديهم مدرسة رسمية شيعية مع انه عليهم ما على أي مواطن تركي، فهم يدفعون الضرائب كالآخرين، وفي الوقت الذي تروج فيه الاذاعة والتلفزيون التركي للمذهب السني وأن هذه الاذاعة والتلفزيون تمول من الضرائب ومن بينها الضرائب التي يدفعها الشيعة ولكن لا مكان للشيعة والحديث عن تعاليمهم وأفكارهم في الاذاعة والتلفزيون، فالشيعة محرومون من الترويج لتعاليمهم وأفكارهم حتى لساعة في اليوم بل حتى ساعة في الأسبوع والشهر.
 
واشار الى أن نفوس الشيعة يربو على 3 ملايين نسمة يقطنون بشكل اساسي في المناطق الحدودية القريبة من ايران، لافتا الى أننا عندما نتحدث عن الشيعة فلا نقصد بالعلويين، ومع أن العلويين يبلغ عددهم أكثر من 25 مليون نسمة ويشكلون ثلث المجتمع التركي، الا أن هؤلاء أيضا لا يحصلون على حقوقهم، فلا تجد أي علوي في منصب حكومي سواء سياسي أو مدني أو عسكري فلا تجد اي وزير علوي، بل ليس هناك أي محافظ علوي حتى في المناطق التي تقطنها أغلبية علوية.
وبخصوص الاسباب التي تمنع انتقال الوحدة الاسلامية من النظرية والفكرة الى ترجمة عملية أشار الشيخ آيدين الى أن أحد الأسباب هو عدم الفهم الصحيح للوحدة الاسلامية، فالبعض يتصور أن الوحدة تعني التخلي عن التعاليم التي يعتنقها ويؤمن بها واعتناق مذهب آخر وتعاليم أخرى، كأن يقول الشيعي انه على السني التخلي عن مذهبه واعتناق التشيع أو يقول السني ان على الشيعي التخلي عن شيعيته  ويكون سنيا، ولكن هذا ليس ما يدعو اليه دعاة الوحدة الاسلامية.
 
وأشار الى أن دعاة الوحدة الاسلامية يؤكدون أن مصالح الأمة الاسلامية أولى من المصالح الشخصية والطائفية، وينبغي توحيد الصفوف لمواجهة التحديات التي تهدد العالم الاسلامي، وينبغي تعاون جميع المسلمين في التصدي لهجمات الأعداء على جذور الاسلام وكيان الاسلام وأركانه، كما أن دعاة الوحدة الاسلامية يطالبون الاتحاد في المشتركات ففي الوقت الذي نختلف فيما بيننا ببعض القضايا ولكننا نشترك بيننا في الكثير من القضايا وربما المشتركات أكثر من عناصر الخلاف.
 
ورد الشيخ آيدين على سؤال، هل تقصد أن الوحدة السياسية في متناول اليد أكثر من الوحدة الدينية والعقائدية، بالقول: ليس الوحدة السياسية وحسب وانما حتى الوحدة الدينية والثقافية ومن المؤكد أن كل مذهب وطائفة لديها العديد من القيم السامية، وكذلك لديها الكثير من المكاسب والانجازات، فعلى سبيل المثال فان الشيعة حققوا مكاسب علمية فلم لا يقدمونها للسنة، كذلك الحال فيما لو كان للسنة مكاسب في مجالات معينة، ولو كان هناك حسن ظن ببعضنا البعض الآخر سيمكن حل الكثير من المشاكل خاصة وأن جهودا كبيرة بذلت عبر السنوات الماضية في هذا الاطار ويمكن استثمارها وتوظيفها، وبدل أن يفكر البعض في سبل اقناع الآخر بالانضمام الى صفوفه عليه التفكير كيف يتقرب منه خاصة أن ذلك سيكون مجديا أكثر، كما أن التقارب سيبدد الكثير من الاتهامات المتبادلة.
 
وشدد الشيخ آيدين على أن فوائد ومكاسب التقارب والوحدة أكثر بكثير من الفرقة والاختلاف، معتبرا أن ما يمنع الوحدة والتقارب هو وجود الأعداء الذي يحرضون على الفتنة والخلافات، وكذلك وجود الاصدقاء غير الواعين والجاهلين الذين يعرقلون تقريب الصفوف وغالبا هؤلاء يقعون فريسة مخططات الاعداء، الأمر الذي يؤدي الى تضاعف مسؤولية القائمين على الوحدة الاسلامية وفي مقدمتهم المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، ويضاعف جهودهم لنشر الوعي خاصة وأن وسائل نشر الوعي تتزايد يوما بعد آخر وتأثير الوسائل الالكترونية تتميز بتـاثيرها على الرأي العام والنخبة أكثر من غيرها.
 
وبشأن الاتهامات التي توجه لايران بأنها تسعى لنشر التشيع عبر أدوات متعددة من بينها التقريب بين المذاهب ومؤتمر الوحدة، قال: ربما هناك من يسعى الى نشر التشيع ولكن في نفس الوقت هناك من يسعى الى نشر التسنن، ولكن لا ينبغي أن يكون هذا سبب في اثارة الشكوك حول جهود عظيمة تقوم بها ايران من أجل الوحدة الاسلامية والتقريب بين المسلمين، بل ينبغي ترسيخ حسن الظن بيننا جميعا من خلال تبادل الزيارات واللقاءات والحوار، فكما في الشيعة متطرفبن ومتشددبن ففي الوسط السني أيضا هناك متطرفون ومتشددون.