ـ(191)ـ
تعالى: ?وخر راكعاً وأناب?(1).
وهذا يقتضي أن كون جميع الشريعة استحساناً فوجب أن يُزاد فيه مغايرة ذلك الوجه للبراءة الأصلية، وبهذا يكون تعريفه (ترك وجه من وجوه الاجتهاد مغاير للبراءة الأصلية والعمومات اللفظية لوجه أقوى منه، وهو في حكم الطارئ على الأول) (2).
ثم قال: (إنّ أصحابنا أنكروا الاستحسان على الأحناف، والخلاف ليس في اللفظ لو روده في قوله تعالى: ?وأمر قومك يأخذوا بأحسنها?(3) وقوله تعالى: ?فيتبعون أحسنه?(4) وقوله ـ صلى الله عليه وآله ـ: "ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن"(5). ولا معنى لـه إنّ لم يرد فيه إجماع. وقول الشافعي في المتعة: (أستحسن أن يكون ثلاثين درهماً) (6). وفي الشفعة: (أستحسن أن يثبت للشفيع الشفعة إلى ثلاثة أيام) (7). وفي المكاتب: (أستحسن أن يترك عليه شيء) (8). بل في المعنى، وهو: أن القياس إذا كان قائماً في صورة الاستحسان متروكاً فيها معمولاً به في غيرها لزم تخصيص العلة، وهذا عند جمهور المحققين باطل، فبطل الاستحسان.
وعرفه الغزالي بقوله: للاستحسان ثلاثة معان:
1 ـ إنه الذي يسبق إلى الفهم، أي: ما يستحسنه المجتهد بعقله.
2 ـ إنه دليل ينقدح في نفس المجتهد لا تساعده العبارة، ولا يقدر على إبرازه وإظهاره. ولعل ما يقابل ذلك في اصطلاح الفقهاء الإمامية بـ "الذوق الفقهي"، إلاّ أن
__________________________________
1 ـ المحصول في علم الأصول 2: 177، والآية: 24 من سورة (ص).
2 ـ المبسوط للسرخسي 1: 145.
3 ـ الأعراف: 145.
4 ـ الزمر: 18.
5 ـ رواه أحمد بن حنبل عن ابن عباس في كتاب "السنة": 217.
6 ـ شرح المحلى على جمع الجوامع 2: 288.
7 ـ غاية الوصول: 140.
8 ـ أصول السرخسي 2: 200.