ـ(197)ـ
الإنابة في الاصطلاح:
الإنابة اصطلاحاً: رجوع إلى الله تبارك اسمه، وهي: (رجوع عن كلّ شيءٍ مما سوى الله، والإقبال عليه بالسرور والقول والفعل، حتّى يكون دائماً في فكره وطاعته، فهي غاية درجات التوبة وأقصى مراتبها)(1).
فهي رجوع إليه تبارك اسمه بالاستغفار والمتاب، والإخلاص لوجهه، والالتزام به، والإسراع إليه بالثبات على سبيله، ومحاربة الشيطان وإغوائه ووساوسه عن طريق الإعراض والنسيان لمكائده. والمنيب: هو العبد الراجع إلى خالقه سريعاً.
فالإنابة: (إلى الله تعالى: الرجوع إليه بالتوبة وإخلاص العمل، وفلان ينتاب فلاناً:
يقصده مرة بعد أخرى)(2) ومنه قولنا عن حقيقة الرجوع إلى الله تبارك اسمه: إنها تعني: الجهد والمواظبة واليقظة، وإرادة في النفس وتوجيهها إلى ما تراه موافقاً لغرضها في الوصول إلى الحق بنية صادقة وإخلاص دائم، وحمل النفس على المشاق البدنية، ومخالفة الهوى على كلّ حال:
وسدد وقارب واعتصم واستقم لها مجيباً إليها عن إنابة مخبت(3).
وهذا الرجوع والإقبال على الله تبارك اسمه لا يكون إلاّ بالعزم والإرادة والتصميم الأخير بترك الذنوب، والانتقال إلى ترك المباحات، وذلك لا يكون إلاّ بسبق العبد إلى حسن ظنه بنفسه، فيختفي عن مذموم شيمه ومساوئ أخلاقه؛ لأن النفس بالسوء أمارة، وعن الرشد زاجرة، فإذا كانت كذلك فحسن الظن بها، هو وثوق بها، وهو عجز، والعاجز من عجز عن سيئات نفسه، وهذا لا يتناسب ومقام السالك إلى الله تبارك اسمه والسير إليه، والانتقال إلى مقام الإنابة والعودة إليه بالخضوع والخشية لله تبارك وتعالى.
__________________________________
1 ـ بداية الأخلاق لمحمد رضا الطباطبائي اليزدي: 241.
2 ـ معجم ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني: 525.
3 ـ جلاء الغامض في شرح ديوان ابن الفارض لأمين الخوري: 156.