ـ(89)ـ
عند الشيعة، ولو نسخة واحدة حتى يقال: إنها أصح الكتب المتداولة عندهم، وهناك أمر آخر ينبغي التنبيه عليه، وهو: أنّ ما دلت عليه الروايات الكثيرة على وجود هذه الكتب عند الأئمة ليست هي من الأحاديث القطعية المتواترة بحيث بلغت حد الضرورة، وليس الاعتقاد بها أصلاً من أصول الشيعة، فيمكن رفضها لمن لم تثبت عنده صحتها، ولا دخل لها في اعتبار حديث العترة والاعتقاد والاعتماد عليه؛ لأن مصدر علوم الأئمة لا ينحصر فيها.
3 ـ إنّ المتداول بين الشيعة في الحديث كتب كثيرة وموسوعات ضخمة، إلاّ أنّ أصحها الكتب الأربعة، كما اعترف بذلك الأخ الباحث، وبالرغم من تقديم هذه الكتب الأربعة على غيرها إلاّ أنّ الشيعة لا تطلق عليها اسم "الصحاح" كالصحاح عند أهل السنة؛ لأن في الكتب الأربعة من الأحاديث: ما هو صحيح، وضعيف، وموثق، وسقيم، وقوي، وهناك مجال واسع للتمييز بينها حسب ما هو موجود من الأمارات والموازين لتمييز الصحيح عن غير الصحيح، فمثلاً: إذا كان ظاهر الحديث دالاً على وقوع التحريف في كتاب الله فإن مثل هذا الحديث: إما أنّ يكون مؤولاً إذا شمله التأويل، أو مردود.
وهكذا الحال في جميع المجالات، فلا يؤخذ بحديث مخالف للقرآن وللسّنة القطعية.
أو يكون خلاف المعقول كما هو معمول أيضا عند المحققين من أهل السنة ـ ولا سيما المعتزلة ـ في كثير من الأحاديث التي ظاهرها التجسيم والتشبيه ونحوهما.
سادساً: قال الأخ الكاتب: (ويقال: إنه لم يكن اختلافات كثيرة بين علماء الشيعة إلى أنّ جاء الشيخ الطوسي، وألف كتابيه: "التهذيب والاستبصار" زادت المنازعات والاختلافات من جراء تداول أحاديث مختلفة بين الناس).
وأود أنّ أسجل هنا بعض النقاط على كلامه هذا:
1 ـ إنّ الاختلافات بين الفقهاء كانت موجودة قبل الشيخ الطوسي؛ نتيجة اختلاف الأخبار أو اختلاف الآراء، وهناك إشارة لهذا الاختلاف في كتب الشيخ المفيد أستاذ الشيخ الطوسي، خصوصاً في كتابه "المقنعة" وفي كتب أستاذه الآخر الشريف المرتضى، كما وأشار الشيخ الطوسي في كتاب "مسائل الخلاف" إلى بعض المسائل الخلافية بين الشيعة أنفسهم، عدا ما اختلف فيه المسلمون عامة.