ـ(101)ـ
إلاّ أننا لا نجد صدى لهذا الاتهام، لا عند الأشعري في (مقالاته)؛ ولا عبد القاهر البغدادي في (أصول الدين)، ولا (الفرق بين الفرق)، ولا عند ابن حزم في (الفصل في الملل والنحل)، ولا الشهرستاني في (الملل والنحل). وهؤلاء هم قمة من أرخوا للفرق الإسلامية وغيرها.
وإذا ما اتجهنا إلى علماء الكلام لا نجد كذلك صدى لهذه القضية في كتاباتهم الكلامية وهم يعرضون لأوجه إعجاز القرآن وحفظه ورعايته من الله تعالى. فيخلو من صدى هذه القضية كتاب (المواقف) لعضد الدين الايجي، و(الإرشاد) لإمام الحرمين الجويني، و(شرح المقاصد) لسعد الدين التفتازاني، و(التمهيد) للباقلاني، و(أصول الدين)للبزدوي.
ونفس الموقف أيضاً نجده عند علمائنا في مجال التفسير. فقد راجعت الآيتين الكريمتين [إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لـه لحافظون] (1).و [لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه](2).
في تفاسير: محمد بن جرير الطبري، وجمال الدين الجوزي، القرطبي، وأبو البركات عبدا لله بن أحمد النسفي، وابن كثير، وأبو حيان الأندلسي، وجلال الدين السيوطي، وأبو السعود، والشوكاني، وكل هؤلاء لم أجد عندهم كلمة واحدة حول هذه القضية، لا من قريب ولا من بعيد اللهم إلاّ بعض تلميحات أوردها الفخر الرازي في تفسيره الكبير في هذا الموضوع لا تثبت الاتهام، بقدر ما توضح طريقة الفخر الرازي في رد احتجاج القاضي عبد الجبار على إنكار ما ذهب إليه بعض الإمامية من دخول التحريف في القرآن الكريم، وتبعه في ذلك الآلوسي في (روح المعاني).
يقول الفخر الرازي: (احتج القاضي بقوله: [إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لـه لحافظون] على فساد قول بعض الإمامية في أن القرآن قد دخله التغيير والزيادة والنقصان، قال: لأنه لو كان الأمر كذلك لما بقي القرآن محفوظا، وهذا الاستدلال ضعيف؛ لأنه يجري مجرى إثبات الشيء نفسه، فالإمامية الذين يقولون: إن القرآن قد دخله التغيير والزيادة والنقصان لعلهم يقولون: إن هذه الآية من جملة الزوائد التي ألحقت بالقرآن، فثبت أن
__________________________________
1 ـ الحجر: 9.
2 ـ فصلت: 42.