ـ(55)ـ
الأجداث والرتابة والركود والشعور بالقدم.
وليس يرضي الإسلام أنّ تلد الأمهات المسلمات إمعات مكررة معتمةً، وإنّما يرضيه ويعليه إنجاب العقول اليقظة النشطة.
وبكل تأكيد ستظل المذاهب الكلامية ومدارس الفكر في الإسلام توجد ما بقي للمسلمين حاجة إلى التعبير عن تراثهم العقلي والروحي، والى استدامة الصلة بين أصول دينهم وبين واقع الحياة. وليس من مصلحة الإسلام والمسلمين كبت النشاط العقلي والروحي داخل الإسلام؛ لأن من أجل ما يقدمه المسلم لدينه أنّ يفكر فيه ويشعر به. والإسلام يضعف ويصبح تراثاً جامداً محنطاً إذا لم يفكر فيه ويشعر به إلاّ الحمقى والجهلاء(1).
ومن سبل التقريب بين المذاهب الإسلاميّة الكلامية: أنّ نعي دور العقل الإسلامي. ومن أوضح سمات القرآن الكريم التي لفتت نظر الباحثين هي: الإشادة بالعقل وتوجيه النظر إلى استخدامه فيما يفيد وينفع، فدعا القرآن بطريقٍ مباشرٍ وغير مباشرٍ إلى تقدير العقل، والرجوع إليه فيما اختص به من تفكير.
ويحرص القرآن على تأكيد هذا المعنى، حتّى أنّه ليكرر هذا في الدعوة بشكلٍ يلفت النظر ويثير الاهتمام.
ويشير القرآن إلى العقل بمعانيه المختلفة، مستخدماً لذلك الألفاظ التي تدل عليه، أو تشير إليه من قريبٍ أو بعيدٍ: من التفكر، والنظر، والتدبر، والرأي والحكمة، والتذكر، والعلم، والفقه، والرشد، والبصر، إلى غير ذلك من الألفاظ التي تدور حول الوظائف العقلية على اختلاف معانيها، وخصائصها، وظلالها، مما يعتبر إيحاءات قويةً بدور العقل وأهميته.
______________________________________
1 ـ محمّد عبدالله محمّد المحامي في معالم التقريب: 62 من كتاب دعوة التقريب، تاريخ ووثائق، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة (القاهرة 1412 هـ).