ـ(199)ـ
الشهيد البهشتي في تلك الفترة هو: ترسيخ فكرة كون الوحدة الإسلاميّة هي العامل الوحيد الذي سيكفل المحافظة على بيضة الإسلام، وأن تحقيق هذه الحدة أمر ممكن. وأتذكر أني سمعت منه ذات مرة يقول: (عندما توجهت إلى أوربا بلغني أنّ هناك مؤامرة فكرية محبوكة حاكها المستشرقون الأوربيون تستهدف تفسيق الفريقين، ومن ثم تفسيق رجالات صدر الإسلام والصحابة الأجلاء؛ ليتوصلوا بعد ذلك إلى أنّ الشخص الذي يحيط به صحابة فاسقون غير جدير بأن يكون نبياً مرسلاً، فكانوا ينكرون رسالة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله ويروجون لهذه الأفكار).
وأضاف الشهيد البهشتي قائلاً: (لقد عاهدت الله منذ ذلك التاريخ بأني سوف لا ءألو جهداً في التقريب بين المذاهب الإسلاميّة حتّى إحباط هذه المؤامرة الدنيئة). وقد أوفى الشهيد بعهده الذي قطعه لله ونذر عمره الكريم في هذا الطريق المقدس.
وإضافة لجهوده الفكرية الحثيثة كان الشهيد ذا علاقات وطيدة وواسعة مع أهل السنة، والتزم بهذا الأسلوب في أوربا وإيران حتّى بلغ بالعناصر الحاقدة والمتخلفة فكرياً أنّ توجه إليه سيلاً من التهم الجائرة، فكان من الشهيد المظلوم أنّ يغض الطرف عن كلّ هذه التهم ويواصل الطريق الذي عاهد الله عليه.
قال السيد البهشتي في خطبة لـه يوم القدس: (إنّ مراسم يوم القدس هي في الحقيقة إحياء لا لتزامنا جميعاً نحن المسلمين تجاه تحرير القدس الأرض الربانية).
إنّ المادة الحادية عشرة من دستور الجمهورية الإسلاميّة التي تنص ـ استناداً للآية الكريمة [إنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون](1) ـ على أنّ المسلمين أمة واحدة (وعلى الجمهورية الإسلاميّة أنّ تبذل كلّ جهدها السياسي لتوحيد الشعوب الإسلاميّة سياسياً واقتصادياً وثقافياً) التقت معها أفكار الشهيد المظلوم في مجال الوحدة الإسلاميّة.
_________________
1 ـ الأنبياء: 92.