ـ(198)ـ
الشهيد فقيهاً لا معاً متفتحاً بكل ما في الكلمة من معنى، وله مواقف خالدة في مواجهة التخلف الفكري السائد ومعالجته.
لم يكن الشهيد البهشتي ينظر إلى الوحدة الإسلاميّة باعتبارها منفعة للمسلمين، بل كان يؤمن بها باعتبارها ضرورة ملحة لابد من تحقيقها. واستناداً لهذا الإيمان الراسخ بهذه الضرورة نجده يقيم شبكة من العلاقات الودية الإخوية الواسعة مع أهل السنة، وكان يرى: أنّ سر ديمومة الأمة الإسلاميّة مرهون بإدامة هذه العلاقات، ولم يكن يعتبر ذلك تكتيكاً مرحلياً.
كان الشهيد كثير الاهتمام بالمبادئ الفكرية وآراء فقهاء الفريقين، ويعتبر هذا الاهتمام عاملا أساسياً في تحقيق التقريب، كما كان ذا اعتقاد راسخ بأن الكثير من الخلافات السائدة بين أتباع المذاهب الإسلاميّة منشؤها: جهلهم بوجهات نظر الآخرين على الأصعدة كافة، لهذا فإن حث طلبة العلوم الدينية والباحثين على التعرف على تعاليم ومعتقدات الفرق الأخرى يعتبر من أهم أساليب ومتبنيات الشهيد البهشتي في محاضراته العلمية، بالإضافة إلى ذلك فإن الشهيد بالرغم من تمسكه الشديد بالقيم والمعتقدات الدينية والمعنوية كان مجرداً من التعصب الطائفي الأجوف، إذ كان ـ رحمه الله ـ كثير الالتزام بالأسلوب المنطقي لتلاقح الأفكار وإنارة الأذهان، حتّى لدى احتكاكه ومناقشاته مع الأعداء الحاقدين على الإسلام والمسلمين؛ لأنه كان يؤمن إيماناً راسخاًُ بأن الاسلوب المنطقي المعقول هو الطريق الوحيد لإيصال الأفكار والمعتقدات، وفي هذا الإطار كانت لقاءاته بعلماء السنة وفقهائهم مفعمة بأجواء ودية وإخوية خالصة، وكان يولي هذا الأمر اهتماماً بالغاً.
إنّ اختيار الساحة الأوربية كميدان عمل مناسب من قبل الشهيد البهشتي كان اختياراً موفقاً ومدروساً ويدخل ضمن إطار انفتاحه الفكري، فقد بذل جهوداً حثيثة في تحقيق الوحدة بين المسلمين خلال الأعوام الخمسة التي أمضاها إماماً للمركز الإسلامي في مدينة "هامبورغ" الألمانية (1961 م ـ 1966م). فإن أهم إنجازٍ حققه