ـ(191)ـ
دفع المنكر إلاّ بذلك)(1).
ويقول الأشعري في مقالات الإسلاميين: (أجمعت المعتزلة ـ إلاّ الأصم ـ على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان واليد والسيف كيف قدروا على ذلك) (2).
وبهذا ينتهي المعتزلة إلى القول: إنّ الثورة على الحاكم المنحرف لا يشترك في جوازها وجود الإمام (3)، ويستشهدون على ذلك بقوله تعالى: [وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي](4) فإنه تعالى قد عم المكلفين بقوله: [فأصلحوا] وبقوله: [فقاتلوا]. وعلى نحو ذلك أمر الله بقتال المشركين أمراً عاماً لسائر المكلفين، فلا وجه لقصره على الإمام دون غيره(5).
4 ـ وبالرغم من أنّ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشترط فيه: أنّ لا يؤدي إلى مضرة أعظم منه.. ولا إلى مضرة في ماله أو في نفسه، إلاّ أنّه يختلف باختلاف الأشخاص، فإن كان الرجل ممن يكون في تحمله لتلك المذلة إعزاز للدين حسن، و إلاّ فلا (6).
وبهذا يقف المعتزلة إلى جانب حركة الإمام الحسين عليه السلام كما يقول القاضي عبد الجبار: (لما كان في صبره على ما صبر إعزاز لدين الله عز وجل، ولهذا
__________________________________________________
1 ـ الفصل في الملل والنحل 4: 187.
2 ـ مقالات الإسلاميين: 67.
3 ـ بينما يشترط الشيعة في جواز الثورة على الحاكم الجائر وجود الإمام المعصوم أو الفقيه العادل الذي يقوم مقامه، ولعله إلى هذه النقطة بالذات كانت إشارة القاضي عبد الجبار حين قال: إنّ الخلاف مع الإمامية يدخل في اصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4 ـ الحجرات: 9.
5 ـ المدخل إلى تاريخ الفلسفة 2: 194 للدكتور عبد الحميد الصالح نقلاً عن القاضي عبد الجبار.
6 ـ شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: 168.