ـ(189)ـ
دراستنا استعراضية مقارنة:
ونحن في هذه الدارسة بصدد استعراض رأي المذاهب الإسلاميّة في هذه القضية ـ قضية الثورة ـ دون أنّ نعمد إلى تقييم تلك الرؤى ومدى توافقها مع نصوص القرآن والسنة أو عدم توافقها. وأن بحثنا هو بحث استعراض مقارن، وليس بحثاً اجتهادياً بصدد اكتشاف النظرية الإسلاميّة الصحيحة في الأمر.
مشكلة تصنيف المذاهب:
حينما نريد أنّ نستعرض رؤية المذاهب في قضية الثورة أو في غيرها من القضايا سوف نواجه مشكلة فنية، وهي: مشكلة "تصنيف المذاهب"، حيث تختلط المذاهب الأم بالمذاهب المتفرعة عنها أحياناً، وبعض المذاهب ربما يكون رؤية لأشخاص حقيقيين أو وهميين جاءت أسماؤهم في كتب التاريخ وكتب المذاهب. ونحن نعرف أنّ مؤرخي المذاهب عمدوا أحياناً للإطناب في تصنيف المذاهب حتّى يبلغوا بها سبعين ونيفاً، وبعضهم قسم المذهب الواحد إلى مذاهب وطوائف إيقاعاً به وحقداً عليه. وسوف يصعب ـ في زحمة هذا الحال ـ النجاة من هذه المشكلة التي تأخذ جانياً أدبياً وأخلاقياً فضلاً عن الجانب الفني.
ولذا فقد رأينا أنّ من الأنسب بموضوعية الدراسة الاعتراف مسبقاً بأننا إنما نستعرض ما هو جدير بالإشارة في حدود معلوماتنا غير نافين وجود آراء ومذاهب أخرى ربما تكون هي الأخرى مهمة وجديرة، ولا مدعين للحصر والاستقراء التام. وأنه من الممكن تصنيف نظريات المذاهب الإسلاميّة إلى صنفين:
أ ـ نظرية الثورة عند المعتزلة:
يعتقد المعتزلة بأصول خمسة هي: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. حيث نجد أنّ الأصل الرابع والخامس كافيان في تحديد الرؤية السياسية لهذا المذهب، فهذان الأصلان أقرب إلى