ـ(214)ـ
وعلى ذلك: فالطريق الذي سلكه أو يسلكه المتعرف لحكم الشريعة الإسلاميّة في شيء ما هو: البحث عنه في كتاب الله أو سنة رسول صلى الله عليه وآله وسلم، فإما أن يجده في أحدهما مباشرة، وإما أن يجد ما يدل عليه في شيء مستند إليهما من إجماع أو قياس أو عقل أو غير ذلك من الأدلة التي اعتبرت مستمدة منهما، ومستندة إليهما غير أن الفهم في كثير مما جاء به الكتاب الكريم أو السنة النبوية يختلف؛ لأنهما جاءا باللغة العربية، واللغة العربية لها خصائصها في الألفاظ والأساليب، منها: تعدد معاني الألفاظ على سبيل الاشتراك، وترددها أحياناً بين الحقيقة والمجاز، وتصرف العرف في بعضها... إلى غير ذلك.
وتنفرد السنة مع هذا: بأنها متفاوتة في ثبوتها وطرق هذا الثبوت، فتحتاج إلى عناية في تمييز ما يصلح الاحتجاج به مما لا يصلح.
والأدلة الأخرى المستندة إليهما بعضها منازع فيه، وكذلك شأن القواعد الأصولية أو الفقهية التي اتخذت ضوابط للفهم والاستنباط، فإن كثيراً من هذه وتلك يدخل الخلاف في أصله أو في تطبيقه.
وعلى هذا، يمكننا أن نرجع أسباب الخلاف إلى ما يأتي:
1 ـ الأسباب التي تتعلق بفهم القرآن والسنة.
2 ـ الأسباب التي تخص السنة.
3 ـ الأسباب التي تتعلق بالقواعد الأصولية أو الفقهية.
4 ـ الأسباب التي تتعلق بأدلة التشريع الأصلية غير الكتاب والسنة.
وسبيلنا في هذا البحث أن نتحدث عن هذه الأقسام ـ إن شاء الله تعالى ـ بالقدر الذي يتسع له الوقت، مع إيثار ما هو أهم من غيره.
1 ـ أسباب الاختلاف التي يشترك فيها الكتاب والسنة:
القرآن الكريم والسنة القولية جاءا باللغة العربية، وهذه اللغة ـ كما قلنا ـ لها