ـ(182)ـ
المعترك، معترك الجهاد، جهاد النفس وجهاد الناس، جهاد الشهوات وجهاد الأعداء، والبذل والتضحية، والخوف والرجاء، والضعف والقوة، والعثر والنهوض، جو مكة والدعوة الناشئة، والقلة والضعف، والغربة بين الناس، جو الشعب والحصار، والجوع والخوف، والاضطهاد والمطاردة، والانقطاع إلاّ عن الله. ثم جو المدينة، جو النشأة الأولى للمجتمع المسلم بين الكيد والنفاق، والتنظيم والكفاح. جو(بدر واحد) و(الخندق والحديبية) وجو( الفتح وحنين وتبوك). وجو نشأة الأمة المسلمة، ونشأة نظامها الاجتماعي، والاحتكاك الحي بين المشاعر والمصالح والمبادئ في ثنايا النشأة وفي خلال التنظيم.
في هذا الجو ـ الذي تنزلت فيه آيات القرآن حية نابضة واقعية ـ كان للكلمات والعبارات دلالاتها وإيحاءاتها، وفي مثل هذا الجو ـ الذي يصاحب محاولة استئناف الحياة الإسلاميّة من جديد ـ يفتح القرآن كنوزه للقلوب، ويمنح أسراره، ويشيع عطره، ويكون فيه هدى ونور(1).
ويقول أيضاً: إننا لا نهدف إلى مجرد المعرفة الباردة التي تتعامل مع الأذهان وتحسب في رصيد الثقافة، إن هذا الهدف لا يستحق عناء الجهد فيه، إنه هدف تافه رخيص، إنما نحن نبتغي الحركة من وراء المعرفة، نبتغي أن نستحيل هذه المعرفة قوة دافعة لتحقيق مدلولها في عالم الواقع(2).
إن(في ظلال القرآن) يأتي في مقدمة مؤلفات سيد قطب، بل يكاد هذا الكتاب يجمع كل تراث قطب العلمي، فقد اشتمل هذا التفسير على ما كتبه سيد قطب في البلاغة القرآنية، والعدالة الاجتماعية، وخصائص التصور الإسلامي، ومقومات الشخصية الإسلاميّة، ومعركة الإسلام والرأسمالية، والسلام العالمي والإسلام، وغيرها من الدراسات والمقالات والبحوث.
_______________________________
1 ـ خصائص التصور الإسلامي ومقدماته: 5، ط 2.
2 ـ المصدر السابق: 8.