ـ(178)ـ
أن يجمع الأحاديث خوفاً عليها من الاندراس، لكن توفي ابن عبد العزيز، وقد جمع ابن حزم كتاباً قبل أن يبعث به إليه(1).
وفي العصر ذاته كان هوى أهل الدنيا قائماً بأوجه، فكانت رغبة الخلفاء الأمويين بأن يقربوا إليهم من ليس له حظ في الدين، ولا محل للإيمان في قلبه، ولا يمتنع عن الكذب والتزييف لأجلهم، ولذلك اتجه العلماء منذ بدء هذه الظاهرة الخطيرة إلى الدراسة والفحص، وكان هنالك اتجاهان:
الأول: اتجاه إلى دراسة الرواية.
والثاني: الميل إلى الإفتاء بالرأي.
وجاء دور عصر الأئمة ـ أصحاب المذاهب ـ الذي كان متصلاً بعصر تابعي التابعين، فكثر الاجتهاد بالرأي، وذلك لكثرة الحوادث كما بينا سابقاً، وانتعشت الروح العلمية، وترجمت الكتب من اللغات الأجنبية إلى العربية، وكانت حركة النهوض أسرع إلى العلوم الشرعية من غيرها.
ولما انتظم أمر الدولة العباسية ظهر الجدل والخلاف، واتسع المجال للعقول، فخاف الدوانيقي من جراء ذلك من تشتت أمر الشريعة ودخول الفوضى في الأحكام، فأمر مالك بن أنس أن يكتب له كتاباً يتجنب فيه رخص ابن عباس، وشدائد عمر بن الخطاب، فكتب له الموطأ(2).
___________________________
1 ـ حاشية الزرقاني على موطأ مالك 1: 10.
2 ـ طبقات المالكية: 30.