ـ(171)ـ
وتطبيقها على الوقائع متوقف على معرفة هذه المقاصد.
9 ـ معرفة الرواة وطرق الجرح والتعديل، وعلم الرجال. فقد قال الآمدي:( أن يكون عارفاً بالرواة، ورق الجرح والتعديل. والتصحيح والصحيح والسقيم).
وقال الشهيد الثاني في معالم الدين:(أن يعلم أحوال الرواة في الجرح والتعديل ولو بالمراجعة).
هذه هي شروط الاجتهاد ـ بصورة إجمالية ـ التي تقتضيها طبيعة القيام بهذا العبء الثقيل.
منشأ الاجتهاد بداية وتطوراً
ليس خافياً على الباحث المتتبع أن كلمة(الاجتهاد) قد مرت بمراحل تأريخية تطور من خلالها المعنى المراد منها تطوراً ملحوظاً، وتبعاً لذلك فقد تغير الحكم والموقف إزاءها، والذي يهمنا في هذه العجالة: هو استعراض تلك المراحل والأدوار التي مرت بها هذه المفردة بشكل عابر، أي: من مرحلة الطفولة في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى مرحلة الشيخوخة، والتي بدأت بعد القرن الرابع حتى الآن كما يقول العلامة الخضري(1).
إننا نعلم بأن علم الأصول علم آلي، وهو من الفقه بمثابة المنطق من العلوم العقلية، ولهذا استخدم على الأصول أداة لعلم الفقه، ولا يكاد ينفك أحدهما عن الآخر، فكل عملية استنباط علمية للحكم الشرعي تفتقر إلى الأسس والقواعد الأصولية، وعلم الفقه والاستنباط وإن كان قد ظهر بعد وفاة الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ ولكن ازدادت الحاجة إليه عندما تباعد أمده عن زمن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ حيث الفاصل الزمني الذي حمل في طياته الكثير من المضاعفات: كضياع
_____________________________
1 ـ الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد خضري يك: 90. الذريعة 2: 800، منية المريد في آداب المفيد والمستفيد، الخاتمة.