ـ(14)ـ
والمجتمع والحياة الدنيا والآخرة.
ومن هنا نجد الهوى يدعو عمليا إلى إطلاق العنان للغرائز والشهوات، ويدعو أيضاً إلى الاهتمام بالمصالح الخاصة الذاتية من خلال رؤية الإنسان لذاته وحركتها في هذه الحياة الدنيا فقط، والتي قد تضيق وتتسع هذه الرؤية للذات بحسب فهمه لهذه الحياة الدنيا، ومدى حركته وسعة وجوده، أو اندفاعاته الغرائزية التي قد يقدم بعضها على البعض الآخر عندما تتزاحم فيما بينها.
ومن هنا نجد هذا النوع من الناس الماديين مختلفين في اهتماماتهم بالذات، حيث إن بعضهم يركز على شخصه، أو عشيرته، أو أسرته، أو على القضايا الجنسية، أو المالية، أو الجاه والمناصب، أو غير ذلك من الشهوات؛ لأن نظرته لحركة ذاته في الحياة الدنيا تعرض عليه هذا النوع من الاهتمام أو ذاك.
وفي مقابل ذلك نجد العقل يدعو إلى السيطرة على الغرائز وإخضاعها إلى الضوابط والقيود وتوجيهها في السلوك وفقاً لما تقتضيه المسيرة الطويلة للتكامل الإنساني الشامل.
وكذلك يدعو العقل إلى الاهتمام بالمصالح الإنسانية العامة والخاصة من خلال رؤية الإنسان لذاته وحركتها في الحياة الدنيا والآخرة معاً، حيث يصبح حب الذات الذي هو من الأمور الفطرية والغريزية في الإنسان، وكذلك حب الخير واللذات والشهوات لها مداليل أخرى في حياة الإنسان تنسجم مع هذا الفهم، وكذلك التضحية والفداء والمعاناة والآلام والبذل والإنفاق والإيثار، وكذلك العشيرة والأسرة والقبيلة والوطن والناس لهم معان أخرى تصب في سبيل الله ورضوان الله والوصول إلى الدرجات العليا (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)(1).
____________________
1 ـ النساء : 69.