ـ(139)ـ
حقيقة العصمة
العصمة ـ كما يراها المتكلمون ـ هي: عبارة عن ظهور حالة خاصة تعتري شخصاً ما تحصنه من ارتكاب الذنوب على الإطلاق، ويكون معها مصاناً من الخطأ والزلل(1).
وهنا ينبغي أن نعرف ماهية الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذه الحالة لدى الشخص، وكيف يمكن للإنسان أن يصل إلى مرحلة لا يذنب معها ولا يصدر عنه خطأ أبداً ؟ وتوجد في هذا الصدد عدة نظريات أهمها:
1 ـ إن العصمة: هي ضرب من اللطف والموهبة الإلهية التي يخص بها بعض الناس، بحيث تحجبهم عن ارتكاب المعاصي، ولا تصل إلى درجة الإلزام والإجبار، فهذه الملكة ليست من القوة بحيث يمكنها أن تردع الشخص من ارتكاب الخطيئة.
يقول الشيخ الزنجاني:(العصمة: لطف يمتنع من يختص به عن فعل المعصية ولا يمنعه على وجه القهر)(2).
ويقول السيد المرتضى:( العصمة: هي لطف إلهي للعبد يمتنع معها عن اختيار فعل القبيح مع التمكن عليه)(3).
____________________________________________________________________
1 ـ العصمة: مشتقة من: عصم، ومعناها في اللغة: الدفع والامتناع.(العين 1: 313)، أو بمعنى المنع والحفظ(صحاح اللغة: 5: 1986) أو بمعنى القلادة.(القاموس المحيط 4: 150). ويمكن القول: إن العصمة في اللغة ترجع إلى معنى واحد وهو: المنع والحفظ، والمعاني الأخرى مشتقة من هذا المعنى أيضاً وقد صرح بعض المهتمين باللغة بان العصمة أصلها المنع في كلام العرب.(تاج العروس 8: 398، ولسان العرب 9: 244). وأوضح من كل ما ذكرناه ما قاله ابن فارس: بأن عصم له معنى واحد يدل على المنع والإمساك، وإنما سمي حبل الدلو عصاماً لأنة يحفظها من السقوط في البئر.(مقاييس اللغة 4: 331).
2 ـ الشيخ المفيد، أوائل المقالات: هامش 29.
3 ـ السيد المرتضى، الأمالي 2: 347.