/ صفحه 401/
وفي روايته الثانية في النص الثانى للجمع، فالتثنية والجمعية فيه على روايتيه مبنيان على التغليب، والمبرد بصدد بيان التغليب ووقوعه في الاساليب العربية.
والرجز المذكور الذي اعتمد عليه المبرد من أرجوزة قالها حميدالارقط التميمي الرجاز أحد البخلاء الاربعة، ثلاثتهم:

ـــــــــــ
1- الكامل شرح الرغبة 132- 133 ج 2 .
2- الكامل شرح الرغبة ص 4 - 5 ج 8

أبو الاسود الدؤلي والحطيئة وخالد ابن صفوان، يمدح بها الحجاج بن يوسف الثقفي ويعرض فيها بعبد الله بن الزبير رضي الله عنه، يقول فيها قبل الرجز المذكور:
أو تَردِى حوض أبي محمد * * * ليس الامام بالشحيح الملحد
أو يَنْجحر فالجحر شر محكد * * * قدني من نصر الخبيبين قدى(1)
و هو رجز جانف فيه الحق ومالا به الباطل، والناس مذ كانوا عبيد الدينار والدرهم، استذلتهم مطامعهم، فطالت ألسنتهم ولم يتحرجوا من ثناء على جائر والنيل من أروع طاهر:
و حضرتني بهذه المناسبة حادثة لها مغزاها ومرماها، هي أن عمران بن حطان السدوسي الخارجي وكان رأس القعد من الصفرية وخطيبهم وشاعرهم، مر على الفرزدق، وهو ينشد شعراً يمدح فيه ويفدح متحيفاً على من يثلبه، آفكاً في إطرائه على من يأمل فيه، فوقف عليه وقال:
أيها المادح العباد ليعطي * * * إن لله ما بأيدى العباد
فاسأل الله ما طلبت إليهم * * * وارج فضل المقسم العواد
لاتقل للجواد ما ليس فيه * * * وتسم البخيل باسم الجواد
فبهت الفرزدق وقال: لولا أن الله عزوجل شغل عنا هذا برأيه للقينا منه شراً.
إن الفرزدق وعمران مختلفا الاتجاه والنزعة، فأبو فراس شاعر الهوى والشهوة وأبو سماك شاعر العقيدة المتغالي فيها على دينه وطريقته.