/ صفحة 304/
قال: سأنبئك بتأويله، بعد إذ عرفت ما يتعلق بالامر الأول:
ان (الاخينا) فى البيت جمع مذكر سالم لاخ، الا أنه جمع شاذ قياساً - وما أكثر الشذوذ فى لغة الضاد السامية - وقد جرى الاخ مع الاب فى مضمار واحد استعمالا فى الافراد والاضافة والتصغير والنسب، والتثنية والجمع مصححاً ومكسراً- تلبية للقرابة بينهما فى النسب فهما موطنا عز المرء فى الحياة وقوته فى الجماعة، وانى لسائق لك شواهد جمعاً فيها جمع مذكر سالماً، بيد أنه يحسن تقديم الاب على الاخ تبعاً لاسبقيته زمناً وان اندمج فى النقل عن العلماء ذكر الاخ معه، لانهما مشتركان كما سمعت، والاحتجاج لاحدهما احتجاج للاخر، ودونك ما يحتج به فى جمع أب جمع مذكر سالماً عل حد جمع أخ على أخين.
قال سيبوية: ((و سألته - الخليل - عن أب فقال ان ألحقت به النون والزيادة التى قبلها، قلت: أبون وكذلك أخ تقول أخون لاتغير البناء... وقال الشاعر:
فلما تبينّ أصواتنا *** بكين وفدّيننا بالابينا
أنشدناه من نثق به وزعم أنه جاهلى، وان شئت كسّرت فقلت آباء وآخاء(1) وكذا اقتفاه فى الاستشهاد بالبيت: الزمخشرى فى المفصل (باب الاضافة) وابن الشجرى فى الامالى - المجلس التاسع والاربعين - والرضى فى شرح الكافية (باب الاضافة) وشرح البغدادى فى خزانة الادب الشاهد الثامن والعشرين بعد الثلثمئة البيت قال: تبيّن: تعرفهن، وبه روى أيضاً، وفدّيننا بالابينا، أي قلن: جعل الله آباءنا فداء لكم، ونقل عن ابن السيرافى عزو البيت لزياد بن واصل، وعن أبي محمد الاعرابى الفندجانى فى (فرحة الاديب) أن الغرض من البيت افتخار زياد بن واصل السلمى بآباء قومه وأمهاتهم، وأنهم قد ابلوا فى حروبهم، فلما عادوا إلى نسائهم وعرفن أصواتهم فدينهم لابلائهم فى الحروب، وذكر القصيدة كلها، ثم نقل عن ابن جنى فى (المحتسب) بعد هذا البيت... قول أبي طالب نظيراً له:
ألم تر أنى بعد هم هممته *** لفرقة حرمن أبين كرام

ــــــــــ
(1) ج 2 ص 101.