/ صفحة 271/
ويعرفه البادى والحاضر لا يوازنها ولا يكايلها شيء بعد الايمان بالله تعالى وكتبه ورسله واليوم الاخر فهل يجوز أن يشرعها الله تعالى بتراء جذماء ان هذا لا يجرأ على القول به برّ ولا فاجر، لكن الائمة البررة مالكاً والاوزاعى وأبا حنيفة رضي الله عنهم ذهلوا عن هذه اللوازم، وكل مجتهد فى الاستنباط من الأدلة الشرعية معذور ومأجور ان أصاب وان أخطأ.
حجة مخالفينا فى المسألة:
احتجوا بأمور: أحدها أنها لو كانت آية من الفاتحة للزم التكرار فيها بالرحمن الرحيم، ولو كانت جزءاً من كل سووة للزم تكرارها فى القرآن مائة وثلاث عشرة مرة.
والجواب أن الحال قد تقتضى ذلك اهتماما ببعض الشئون العظمى وتأكيداً لها وعناية بها، وفى الذكر الحكيم من هذا شيء كثير وحسبك سورة الرحمن وسورتا المرسلات والكافرون، وأى شأن من أهم مهمات الدنيا والاخرة يستوجب التأكيد الشديد ويستحق أعظم العنايات كاسم الله الرحمن الرحيم وهل بعثت الانبياء وهبطت الملائكة ونزلت الكتب السماوية الا باسم الله الرحمن الرحيم والهداية إليه عزوجل، وهل قامت السموات والأرض ومن فيهن الا باسم الله الرحمن الرحيم(1) ((يأيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا اله الا هو فأنىّ تؤفكون)) .
ثانيها ما جاء عن أبي هريرة مرفوعاً إذ قال: يقول الله تعالى قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين فإذا قال العبد: الحمدلله رب العالمين، يقول الله تعالى: حمدنى عبدى. وإذا قال: الرحمن الرحيم، يقول الله تعالى: أثنى على عبدى،

ــــــــــ
(1) فالمؤمن يفتتح أعماله كلها باسم الله الرحمن الرحيم فإذا أكل أو شرب أو قام أو قعد أو دخل أو خرج أو أخذ أو أعطى أو قرأ أو كتب أو أملى أو خطب أو ذبح أو نحر قال: بسم الله الرحمن الرحيم. والقابلة إذا أخذت الولد حين ولادته تقول: باسم الله وإذا مات قال بسم الله وإذا أدخل القبر قيل بسم الله وإذا قام من قبره قال بسم الله وإذا حضر الموقف قال بسم الله وهل منجى يومئذ أو ملجأ الا الله؟ ثبتنا الله بالقول الثابت فى الحياة الدنيا والاخرة