/ صفحة 382/
يشير إشارة واضحة إلى نظرية الحكم التي ارتضاها الإسلام لنظامه السياسي، ألا وهو الحكم الشورى المنطوي على حق الترشيح وحق الانتخاب وحق المعارضة بقوله (وأمرهم شورى بينهم).
يعزز مذهبنا في ذلك، صيغة الخطاب لرسول الله الوارد على وجه الأمر في هذا الدستور في الآية 159 من سورة آل عمران إذ يقول فيه (وشاورهم في الأمر).
ولا شك أن رسول الله لا يؤامر واحداً من المسلمين ولا يشاورهم في شأن من شؤون الدين، فلم يبق إلا أن تكون مشاورته لأهل المشورة منهم، مقصورة على الشئون المدنية والسياسية. فإذا كانت الشورى في الشئون المدنية والسياسية واجبة على رسول الله فهي على المسلمين دستور مفروض بلا ريب.
أما الدليل الذي يؤيد الدعامة الثانية وهي وجود نواة تشريعية لمؤسسات الدولة، ففي القرآن أيضاً مفتاح ذلك، إذ فيه كل المبادئ القانونية التي تحتاج إليها هذه المؤسسات، فضلا عن تقنينه أهم القوانين وأشدها اتصالا بالمجتمع، كقانون (الأحوال الشخصية) الذي ينطوي على أحكام الزواج وأحكام الطلاق وأحكام الإرث وأحكام الوصية وأحكام النفقات. (كقانون العقوبات) الذي نص فيه على أحكام الجرائم الأصلية وعقوباتها كالقتل والسرقة والزنا والخروج على الدولة. وكقانون الجهاد الذي انطوى على مبادئ الحقوق الدولية وأحكام المعاهدات وأصول احترامها وكيفية معاملة الذميين والأجانب. وإذا لم تجد نصاً للقوانين الأُخرى فانك واجد فيه بعض أبوابها كما هو الحال في بعض أبواب (القانون المدني) إذ نص فيه على حل البيع وتحريم الربا، كما نص فيه على أصول المداينة والرهن وصندوق التكافل الاجتماعي. وغير ذلك من القوانين. وهذا بقطع النظر عن سنة رسول الله التي تكفلت تفصيل ما أجمله القرآن من أحكام ومبادئ.
ويقيني أنني بعد هذا، أستطيع أن أقرر بكثير من العزيمة والثقة: أن الإسلام