/ صفحة 56 /
3 ـ والصيغة التي يكون بها العقد.
ونرى الشريعة الإسلامية تشترط في كل ركن من هذه الأركان الطبيعية ما يقطع النزاع، ويسد أبواب الخصومة والضغائن.
فالعاقدان لابد أن يكونا راشدين عاقلين عاملين لما يتعاقدان عليه، ولا يجوز التعامل مع السفيه ولا مع الصغير الذي لا يميز، ولا مع المجنون، ولا مع الغافل، وذلك لأن التعاقد ما لم يكن على بصيرة وفهم وقدرة على الموازنة بين البذل والأخذ فإنه كثيراً ما يكون مثاراَ للخلاف المؤدي إلى النزاع والخصام، أو الحقد والاضطغان، وكلاهما يكدر صفو المجتمع، ويزلزل أمنه واستقراره.
والشيء المعقود عليه يحب أن يكون مملوكا لصاحبه، وإلا كان تصرفه فيه باطلا، لأنه تصرف في ملك غيره.
ويجب أن يكون ذا فائدة معتد بها شرعا، وإلا كان التصرف فيه ترويجاً للفساد أو عبثا.
وبهذا وذاك يصان المجتمع مما يؤدي إلى الخلاف أو يثير النزاع أو يروج للفساد.
والصيغة التي يكون بها التعاقد لابد أن تكون واضحة في إفادة معنى الرضا والقبول عادة دون تأثير أو ضغط بإرهاب أو تخجيل أو استغلال للفظ على سبيل التلاعب؛ أو نحو ذلك.
وقد اعتد الشارع بكل أمارة يتبين بها أن التعاقد صوري أو مشوب بنوع من أنواع الإكراه، ورتب على ذلك فساد التعاقد، وعدم استتباعه لآثاره.
تلك هي الشروط التي تشترط في أركان العقد، ولهذا نهى الشارع عن كل معاملة تثير نزاعا من أية ناحية، فلا مزاينة ولا محاقلة ولا ملامسة ولا منابذة مما كان يفعله أهل الجاهلية(1).
ــــــــــ
(1) المزابنة: بيع التمر في رءوس الشجر بتمر مكيل معلوم.
والمحاقلة: بيع الزرع بحنطة مقدرة معلومة.
والملامسة: أن يكون لمس الرجل ثوب الآخر بيده بيعاً.
والمنابذة: أن يكون نبذ الثوب بيعاً.