/ صفحة 419/
مائة ألف سيف، وبهذا القول ترضى الشيعة ولا يكون على اخوانهم السنة فيه ضرر، ولا في تركه والجدال فيه أقل فائدة، كما أن القول بصحة الخلافة من الشيعة وعدم كونهما عدوانا ترضى أهل السنة، ولا يكون على اخوانهم الشيعة ضرر ولو مثقال ذرة، فقد علموا أن الائمة (عليهم السلام) نهوهم عن انتقاص الخلفاء رضي الله عنهم، وأمروا بوجوب تعظيم شأنهم ومؤازرتهم على اعزار الإسلام وتوحيد الكلمة.
و أما اختلاف الرأي في ابتداء الأمر في تعيين الأمير والخليفة، أوفي وحدته وتعدده، أوانه في أي قبيلة، فلم يكن خلافا منهم في الامامة ولا تكذيباً لها، ولم يخطر ببالهم يومئذ أن تعيين القائم بالأمر مضادة لأقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومشاقة لله سبحانه وله.
و حسبك في ذلك أن علياً لما واجه الصديق يوم البيعة العامة في المسجد بعد بيعة السقيفة، وقال له: أفسدت علينا أمورنا ولم تشاورنا ولم ترع لنا حقاً، قال: بلى، ولكن خشيت الفتنة، فانظر كيف صدق الصديق رضي الله عنه أمورهم، واعترف بحقهم، وعلل البيعة بخوف الفتنة، ثم انظر أن علياً (عليه السلام) كيف لم يبطل قيامه بالأمر من أصله، وإنّما عاتبه على ترك المشاورة، ولولا التسالم على المنزلتين لم يستقم هذا الأسلوب من كلامهما، وكذا كلام الصديق على باب المسجد قبل واقعة السقيفة، قائلا: من كان يعبد محمد فإن محمد قد مات، ومن كان يعبد رب محمد فإنه حي لا يموت، ولا بد من أحد يقوم بهذا الأمر، فهاتوا آراءكم أو كما قال، يدل على أن هذا الاعلام كان عادياً عقلياً، لم يتوهم أحد منه خلافا على نص النبي ومنزلة الوصي، وكان في الناس من حملة تلك النصوص والمحتجين بها، ومن حواريى على ومن بني هاشم كثير، ولولا أن ادارة أمر الأمة سياسة صحيحة لا تخالف منزلة الامامة ولا تنقص من شأن أهل البيت قيد شعرة لماج الناس في تلك الساعة في الجدال، ولذلك أمر علي (عليه السلام) الكارهين من بني هاشم وخواص أصحابه وحوارييه العارفين بمنزلته السماوية بالبيعة والطاعة