/ صفحة 416/
و القتل الذريع، ولم يقع شيء من ذلك بحسن تدبير علي (عليه السلام)، والخلفاء رضي الله عنهم.
و أما الاحتجاجات حول الإمامة والخلافة، فإنما كانت لحفظ منزلة روحانية الرسالة في العترة الصفوة كي لا يكون أول سلسلتها مشوباً بالرغبة في الملك والحكومة فيرتاب المبطلون بعد ذلك في تلك المنزلة السماوية، فيتوهموا أن ذلك سياسة ملكية لا منزلة دينية سماوية مستحفظة على علوم الكتاب والسنة وعلوم الأنبياء وعلى قوة المبارزة لجميع علماء الملل وإجابة اقتراحاتهم المعجزة، ودفع كل متنب أو مشعبذ أو ساحر أو مغالط، وعلى حفظ صحف الأنبياء، وحل كل مشكلة دينية وغير ذلك، واين هذا من المعارضة لخلافة القوامين بالقسط المحافظين على الوحدة الإسلامية واعلاء كلمة الإسلام، فالامام المنصوص لا يجب قيامه بالخلافة في شئون الملك، فانها أمار آخر لا يشترط في الامامة الخاصة المذكورة، فربما يستنيب غيره لها، وربما لا يجوز له القيام بها لعدم الأسباب وخشية الفتن أو لسبق العهد بتركه حتى يأتوه طائعين، وبمباشرة تجهيز النبي صلوات الله وسلامه عليه وبجمع القرآ، قبل كل عمل، أو لحصول الغرض الأصلي بقيام من يوثق بعدله بها فيسلم له الأمر والامرة من غير نقص في منزلته الالهية، فان خلافة الملك قد تتخلف عن الرسول المبعوث على كافة الناس مع استحقاقه وصلوحه لها.
ألا ترى أن محمداً صلى الله عليه وآله لم يكن ملكاً مطاعاً في مشارق الأرض ومغاربها، حتى كان يصالح بعض الأمم ويترك آخرين إلى حين، وقد نزل: ((و ما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين)) وإنّما قدر الله سبحانه الفتوحات بعده، بل المسلمون مجمعون على أن رسالته على كافة الخلق كانت من يوم بعث لا من يوم قوى أمره واستفحل شأنه، فلولم يتفق له ما قدره الله سبحانه له من القوة والنصرة فقتل أو مات قبل الهجرة أو بعد الدعوة العامة بمكة، ولم ينزل من القرآن عليه الا المكيات، لم تنقص منزلته من الرسالة العامة بحيث ينتظر بها أن تكمل بعد ذلك بالفتح، وكثرة أهل الدين، فكذا الامام لا ينقص شيء من منزلته