ـ(15)ـ
اتجاه الأمة بمختلف قطاعاتها، وخاصة فئة الشباب ـ إلى انتهال العلوم الإسلاميّة وسبر أغوار الفكر الإسلامي دلالة واضحة على أن مستوى المعرفة البشرية كلما ارتفع ارتفعت معه مكانة الدين في المجتمع، ودلالة واضحة أيضاً على أن الإسلام يحتل مكانه المناسب في الساحة العالمية حين ترتفع المعرفة الإنسانية إلى مستواها المناسب، لما بين اتساع المعرفة الدينية والمعرفة العلمية من تناسب طردي.
من هنا يتوجب على علماء الدين وقادة الفكر الإسلامي أن يستثمروا فرصة انفجار المعلومات البشرية، ليقدموا الدين بلغة تتناسب مع لغة العصر واحتياجات العصر، وأن يعرضوا متاعهم الثمين بشكل مناسب وبصورة جديدة كل الجده.
في الساحة الفكرية العالمية الجديدة، حيث النظريات والتيارات الفكرية التي تخلب الألباب، وحيث الشباب الذين يبحثون عن كل جديد، لا يمكن أن نتوقع إقبال الناس على رسالتنا ـ مع كل ما فيها من أصالة وامتياز ـ بنفس لباسها القديم وشكلها الموروث، لان هذه الصورة القديمة لا تستطيع في عصرنا أن تميط اللثام عن حقيقة الإسلام المشرقة، ولا تستطيع أن تشبع نهم المتعطشين إلى المتطور الجديد.
نحن نؤمن أن الإسلام ـ بقدرته ومقوماته الطبيعية ـ سوف يتولى قيادة البشرية، وسوف ينفذ نوره إلى أعماق الظلمات التي تعاني منها الإنسانية، وستنهزم أمامه كل قوى الظلام والتفرعن والتجبر، لتخفق رايته على المعمورة... نحن نؤمن بذلك، ولكن هذا الإيمان ينبغي أن لا يكون مبررا لتهاوننا في أداء واجبنا المحتوم ومسؤوليتنا الكبرى.
هذا المستقبل يتحقق طبعا حين يتعرف الناس على الإسلام، ويفهمون تعاليمه وأفكاره، عندئذ فقط سيسلمون له زمام الأمور ويخضعون له منقادين.