ـ(6)ـ
شعار الإسلام.
ليس إيماننا بهذا يقوم على أساس تقرير القرآن فحسب، بل إنّ الواقع العالمي المشهود يقدّم لنا بالأرقام الهائلة مدى فداحة الخسارة التي منيت بها البشرية جرّاء ابتعادها عن منهج دين الفطرة.
بهذا المنطق القويم يجب أن نعلن للبشرية بأننا سلفيون، وأن لا سبيل إلى التخلص من المآزق والمآسي القائمة إلاّ بترك كلّ بدع الانحراف عن منهج هذا الدين.
هذه العودة في الواقع لا تعني إدارة عقارب الزمن إلى الوراء، بل تعني الانفتاح على حقيقة قائمة حيّة من حقائق الوجود، وهي حقيقة ثبات متطلبات الفطرة الإنسانية... والإسلام دين الفطرة، وكل خروج عن هذه الفطرة إنما هو خروج عن حقيقة قائمة في النفس الإنسانية، وكل إهمال لهذه الفطرة إنما هو إهمال لحسابات دقيقة ركبت منها نفس الكائن البشري كما ركبت أجهزته العصبية والدموية والهضمية..
سنن التشريع إذن مثل سنن الكون الثابتة، وكل ابتداع في هذه السنن إنما هو سباحة خلاف الاتجاه الطبيعي لتيار الماء فيه "الضنك" و "الإرهاق" و "النكد" و "سوء العذاب".
أردنا بهذه المقدمة أن نفرّق بين المعنى الحقيقي المفهوم من كلمة السلفية وهذا المعنى الاصطلاحي الذي يطلق على تيار من أبناء العالم الإسلامي.
تميّز هذا التيار بقراءة جامدة لنصوص الدين تنأى عن التعقّل والاجتهاد، ولذلك ابتلى بسطحية شديدة، كما اتجه إلى رفض كلّ الجهود العلمية الجبارة التي أثمرت عنها دوحة الإسلام على مرّ العصور بحجّة أن السلف الصالح لم يشتغلوا بها، وهذا ما يركّز السطحية والسذاجة أيضا في فهم الدين والدعوة إليه.