ـ(52)ـ
الإسلاميّة لتبصير الأمة بمختلف شعوبها، وتحذيرهم من عواقب هذا التفرق، ووجوب التخلص منه، ولزوم تعارف المذاهب، والأخذ بما يقره القرآن الكريم والسنة النبوية.
ورحب بهذه الدعوة عدد كبير من علماء مصر وإيران والعراق والبلاد الإسلاميّة الأخرى، واعتنق الفكرة آلاف من المسلمين، وإن سمعنا بجانبها نعرات تردد: إن دار التقريب تريد أن يترك المسلمون مذاهبهم ويدينوا بمذهبٍ جديدٍ! ليضعوا التقريب ـ بزعمهم الفاسد ـ في قفص الاتهام، ومع الأسف لم تكن صفقتهم خاسرة كلياً، وظهرت في الأسواق كتيبات كتبها بعض المتطفلين على موائد الكتابة ليشتروا بها ثمناً قليلاً. و أمّا أعداء الإسلام والمسلمين والمستعمرون الذين يريدون أن يسيطروا على الأمة الإسلاميّة فإنهم اتخذوا من هذه الخلافات أبواباً يلجون منها إلى التدخل في شؤون هذه الأمة.
والآن وبعد ما مضى على إنشاء دار التقريب خمسون عاماً نشهد إنشاء (مجمع التقريب) في طهران بأمر قائد الثورة الإسلاميّة العظيم وتحت رعايته، وبمشاركة جماعةٍ من قادة العلم والدين من مختلف المذاهب الإسلاميّة.
إنهم رأوا من واجبهم الديني أن يدعوا المسلمين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم الإسلاميّة لقطع أسباب الخلاف والتفرقة، ولكن نرى في نفس الوقت أن ثمة أياد أثيمةٍ أخذت تتلاعب بالأذهان الخالية والأفكار الساذجة، وتنفث في آذانهم: أن مجمع التقريب يريد أن يحث طوائف المسلمين على ترك مذاهبهم والدخول في المذهب الشيعي! ونرى أيضاً بعض إخواننا الشيعة يقولون: إن الغرض الأصلي للمجمع رفض التشيع وإلزام المسلمين باعتناق المذهب السني!.
فتبين إذاً أن أول شيء حال بين دعاة دار التقريب ومجمع التقريب، وبين الوصول إلى أمنيتهم هو: عدم وقوف كثيرٍ من أتباع المذاهب على معنى التقريب، وهذا هو الذي لم يسمح لدعاة التقريب بالنجاح في ميدان العمل الديني منذ أعوام؛ لأن جهل بعض الشعوب يستلزم خواراً في إرادتها، وهذا ما يفسح المجال أمام الأعداء،فإن قام عدد من العلماء بالدعوة فإنهم سوف لا يستطيعون والحال هذه أن يحصلوا على