ـ(47)ـ
طريق العلاج في موضع الشك:
قد سبق أن الفرق بين الحق والحكم بحسب المصاديق والصغريات صعب جداً، لان ما فرقنا به بين الأمرين يرجع إلى كيفية اعتبارها حقاً أو حكماً، وكلاهما محتمل في مورد الاشتباه، وأن المرجع فيها العرف العام، ثم نصوص الكتاب والسنة، وكثيراً ما لا يتبين الأمر بذلك، فما هو العلاج؟
فنقول: إذا علمنا من الشرع أنه جوز النقل أو الانتقال في مورد فنحكم بأنه حق يترتب عليه آثاره، إلاّ ما ثبت خلافه؛ إما بمنع شرعي، أو بما اقتضته طبيعة الحق: كالولايات والوصايا وتولية الأوقاف، وحقوق الزوجين والآباء والأمهات مما تقدم الكلام فيها.
وإذا لم يثبت ذلك فمقتضى القاعدة الرجوع إلى الأصل، وهو مختلف بحسب الآثار، فلو شك في جواز النقل أو الإسقاط فالأصل عدمهما؛ لأنهما مسبوقان بالعدم والشك في وجودهما، فالأصل العدم. ولو كان للحكم أثر وجودي فالأصل العدم أيضاً. وبالجملة: لو شك في كون شيءٍ حقاً أو حكماً فلا يجوز إسقاطه ولا نقله؛ لاحتمال كونه حكماً، وإن علم كونه حقاً وعلم المنع من نقله أو كونه قائماً بشخص أو عنوان خاص فكذلك لا يجوز نقله، وإن شك في المنع فمقتضى العمومات صحة التصرف فيه؛ وكذا لو شك في قيامه بالشخص أو عنوان خاص شرعاً بعد إحراز القابلية للنقل عرفاً فمقتضى عموم قولـه تعالى [أوفوا بالعقود](1)
[وأحل الله البيع](2) وقوله عليه السلام: (الصلح جائز بين المسلمين) و(والمؤمنون عند شروطهم) و(الناس مسلطون على أموالهم) ونحوها صحة التصرف فيه بعد فرض أن عناوينها صادقة عليها نعم، لو شك في إحراز القابلية عرفاً فلا يجوز التمسك بالعمومات، والكلام في هذا طويل وعميق فلنضرب عنه صفحاً.
____________________________________
1 ـ المائدة: 1.
2 ـ البقرة: 275.