ـ(45)ـ
الثاني: أن يكون هناك قصور في الحق بحسب جعل الشارع، مثل: أن يكون الحق متقوما بشخص خاص: كحق التولية في الوقف وحق الوصاية وحق الحضانة، فإن الواقف أو الموصي إذا كلف شخصا معينا للقيام بأمر الوقف أو العمل بالوصية ـ لما رأى فيه من الصلاح والكفاء ـ فليس لهذا الشخص أن يحوله إلى غيره، إلاّ إذا نص الواقف أو الموصي على شخص آخر فيجوز لـه أن يحوله إليه لا إلى غيره.
ومثله: حق الوكالة، فليس للوكيل نقله إلى غيره إلاّ بتجويز من الموكل، إما بشرطٍ في نفس العقد أو بإذن لـه في أثناء العمل.
ومقتضى القاعدة في جميع المناصب أن نجريها مجرى الولاية على الوقف والوصاية والوكالة: كولاية الحاكم المنصوب من قبل إمام المسلمين، فليس لـه أن يحولها إلى غيره إلاّ بإذن ممن نصبه.
وينبغي أن يستثنى منه ما كان من المناصب العامة لمن توفرت فيه شروط: كالإمامة على المسلمين، أو القضاء بينهم في زمانٍ لا يتمكن الناس من الاتصال بالإمام، فعند ذلك يجوز لمن تصدى لمنصب القضاء أو ولاية الناس من عند نفسه من دون نصب أحدٍ إياه حيث رأى أنه أهل لذلك، فيجوز لـه أن يتركها لغيره ممن توفرت فيه صفات القاضي والوالي، إلاّ أن هذا لا يعتبر نقلاً لمنصبه إلى غيره، بل يعد تركاً للعمل والتخلي عنه ليقوم به آخر مكانه بحجة أنه أيضاً أهل لذلك مثله، وأنه من مصاديق من أذن لـه الامام إذناً عاماً بالقضاء والإمامة.
ومثل ذلك: ما إذا نصب النبي أو إمام المسلمين رجلاً لإمارة الجيش وقال: إذا مات أو قتل فيقوم مقامه رجل من المسلمين، أو من لـه سابقة في قيادة الجيش، أو من اجتمع الجيش على إمارته وله نظائر لا تحصى.
ومن الحقوق التي لا تقبل النقل؛ حق المضاجعة بالنسبة إلى غير الزوج والزوجة، بل جميع حقوق الزوجين فيما بينهما من هذا القبيل، وهذا لا يحتاج إلى دليل؛ لأنه مقتضى طبيعة الزواج.