@ 364 @ التى تشنف الاسماع والاشعار المهذبة للطباع والحكايات عن الاقطار البعيدة وأهلها وعجائبهابحيث يظن السامع أنه قد عرفها بالمشاهدة ولم يكن الامر كذلك فانه لم يعرف غير اليمن والحرمين ولكنه كان باهر الذكاء قوى التصور كثير البحث عن الحقائق فاستفاد ذلك فى أيام مجاورته فى الحرمين لوفود أهل الأقطار البعيدة الى هنالك وكنت أظن عند ابتداء اتصالى به أنه قد عرف بلاد مصر لكثرة حكاياته عن أهلها وعن عجائب وغرائب موجودة فيها فى عصره لا فيما تقدم فانه لا يستنكر ذلك لأنه قد صنف الناس فى أخبارها مصنفات يستفيد بها من اكب على مطالعتها ما يقرب من المشاهد كالخطط والآثار للمقريزى وحسن المحاضرة فى أخبار مصر والقاهرة للسيوطى انما الشأن فيما يحكيه صاحب الترجمة على ماجرت فى عصره فان ذلك هو الامر العجيب الدال على اختصاصه بمالا يقوم به غيره .
( ليس على الله بمستنكر % أن يجمع العالم فى واحد ) .
وله فى حسن التعليم صناعة لا يقدر عليها غيره فانه يجذب الى محبته والى العمل بالادلة من طبعه أكثف من الصخر واذا جالسه منحرف الأخلاق أو من له فى المسائل الدينية بعض شقاق جاء من سحر بيانه بما يؤلف بين الماء والنار ويجمع بين الضب والنون فلا يفارقه إلا هو عنه راض ولقد كنت أرى منه من هذا الجنس ما يزداد منه تعجبى ولذاتم خبره بأحوال الناس وبما يليق بكل واحد منهم وما يناسبه ومالا يناسبه وله فى علم الطب مشاركة قوية وله فى كل الصناعات العملية كائنة ما كانت أتم اختبار وكان الناس يقصدونه على اختلاف طبقاتهم فأهل