الجماجم والغماغم مسامع الآفاق بالصمم وأزرنا وجود العدو من جد قصدنا بالعدم وقلنا حصن حصين ومكان مكين وركن ركين وهو يصعب ويتعب لولا أن الله في فتحه معين ولا بد من نظم ستائر لنصب المنجنيقات وجمع الأخشاب والآلات .
فركب السلطان بكرة الأحد إلى ضياع صفد وكانت قلعة صفد يومئذ للداوية وهي عش البلية وأمر بقطع كرومها وحمل زرجونها وأخشابها واستكمل للمجانيق كل ما يتم به أسباب انتصابها وعاد إلى المخيم بعد الظهر ظاهرا وببرهان لطف الله بارهرا وخرج بعد العصر وجمع أراءه وعارض بآرائهم آراءه فقال له عز الدين جاولي الأسدي وهو الأسد المحرب المجرب الجريء تأذن لنا بالزحف قبل الاشتغال بنصب المنجنيق والانتصاب لهذا الخطب جليله والدقيق حتى نذوق قتالهم ونجرب نزالهم ونستض نصالهم ونستعرض أحوالهم ونستقبل أهوائهم وأهوالهم فربما تلوح فيهم فرصة وتخلو لنا عرصة وتحلو خصة فقال استخيروا الله حيث اخترتم وأثيروا كما أثرتم فنودي في النوادي بالإقدام والحضور في مقام الانتقام وحفز الزحف إلى حمى الحمام والاحتذاء للاحتذام والاصطلاء بنار الاصطلام فثاروا الى الثار وطاروا إلى الأوطار وداروا بالدار وكشفوا خدودهم لقبل السهام ونصبوا وجوههم لشعل الضرام ودنوا من الباشورة وباشروها وسقوا معاشرها كأس المنية وعاشروها وعهدي بشاب من العوام في جرأة الضرغام عليه