[38] الشاعر، والاديب، ولا يمكن لواحد من هؤلاء الحياة بدونها، لأن الكتاب ذريعة كل فاضل وسلاح كل مجاهد ومتكلم، وقد عرف الانسان الكتاب منذ القدم، واتجه وسعى إليه للحصول على معارف ومعلومات شتى، وادرك أن المعلومات الانسانية والمدركات العلمية كلها مستمدة من الاشياء الخارجية التي تحيط بالانسانية، فكلما زاد أحتكاك الانسان بهذه العوامل الخارجية، وكثر أطلاعه عليها كلما زاد علمه وكثرت معارفه، ولذلك فأن الرجل الذي عاش بين الكتب، ويعيش معها ويعود إليها بالبحث والمطالعة يكون اكثر علما وفهما، وأوسع اطلاعا ومعرفة من رجل لم يزايل المطالعة، ولم يتعد نطر حدود العلم الذي حصل عليه، في كلية أو جامعة عالمية، لأنه ظل محصورا في دائرتها الضيقة وما أجتاز محيطها. إن المسلمين ما تكونت لهم دولة في قرنهم الأول، حتى هب قادة أفكارهم الى جمع الكتب على ندارتها يوم ذاك، لأن الدين الأسلامي يعتبر المبدء الفذ الذي يدعو الى العلم والحكمة والتحرر من كابوس الجهل، وجعل العلم بمعناه الأعم الوسيلة الوحيدة للخروج من ظلمات الشرك والألحاد والجهالة، الى مهيع العقائد الحقة، والحياة الأنسانية الراقية. إن الأسلام جعل العلم محك النظر في التمييز بين الحق والباطل، في كافة القضايا العقائدية والسياسية والاجتماعية، ولذلك صرخ القرآن ودعا الأنسان في آيات مبرمة محكمة الى العلم وأصبح من أقوى العوامل على نشر المعرفة بين المسلمين، فهبوا هبة رجل واحد يطلبون العلم من مضانه، فجابوا الأقطار وتعرضوا للأخطار، وقطعوا القارات والبحار، وسكنوا الأمم الأجنبية في بلادها، ولم يدعوا وسيلة من الوسائل التي توصلهم الى زيادة معارفهم إلا تذرعوا بها فجمعوا في القرن الأول من ظهور الأسلام بين علوم القدماء والمعاصرين لهم من الفرس، والهنود، والرومانيين، واليونانيين، وقاموا بترجمة ما وقع بأيديهم من التراث الفكري الأجنبي، وتنافس الخلفاء والأمراء في ذلك السبيل حتى حصلوا عليه ثروة طائلة وكمية كبيرة من المؤلفات التي لم يتسن لغيرهم ________________________________________