[21] العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأتها من بابها. وفي الجامعة الكبرى.. بدأ يلتمع نجمه.. ويتبع أشراقة كوكبه.. واصبح له صوت يدوي، وشخص يشار إليه بالبنان، وتتلمذ على الفحول من أساتذة الفقه والاصول، وشيوخ العلم والأدب وأعلام الدين دائمة العلم. لم يكتف المترجم له.. من معهده بتلقي الدروس، وأكتناز المعارف فحسب، وأنما دفعته ملكاته القوية، وسليفته المطبوعة على البحث والتتبع والمطالعة، وأنتهى به المطاف أن وفق بين العلم والفن، والجمع بينهما بصورة مدهشة، وبعد سنين مضت عاد الى وطنه وقد أستوفى حظه السعيد، من الثقافة الأسلامية العالية ترتسم عليها قوة البيان، وسعة الذهن وذرابة اللسان، والميزة الفطرية في ناحيتي العقل والفكر. عاد الى وطنه، وأمته وبيئته على يقين صادق، أنه زعيمها وقائدها الذي ترجوه لدينها ودنياها معا، وراح يعمل حسب رسالته آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، ويرتقي أعواد المنابر ويلقى على القلوب ارشاداته البارعة، وعلى النفوس مواعظه النابهة. وعلى العقول كلماته الموقظة، وكان لها الأثر البالغ في تحقيق اصلاحه المنشود، لأن خطاباته ومحاضراته كتصانيفه وكتاباته تستمد من منبع واحد من ثقافته كلها، وتنحدر كالسيف من مهب معرفته، ومعلوماته الواسعة، فأذا سمعته أو قرأته وجدت مصادرها واحدة، ومنابعها متحدة ومتوافقة. حياته العلمية: لا أحسب في خلال عمر السيد ناصر حسين.. رضي الله عنه.. توجد لحظة أو فترة ذهبت سدى، أو راحت ولم يترك فيها أثرا فكريا، أو خطوة علمية، لذلك لو عددنا أوراق تآليفه وتتبعنا صفحات مصنفاته، وجدناها تربو بكثير على أيام عمره وساعاته الحافلة بالجهاد العلمي الذي ترتسم على كل أفق من آفاق هذا العالم الأسلامي.. فكان من الرجال المعدودين الذين أمتازوا في التاريخ الأسلامي بمواهب وعبقريات دفعتهم الى الأوج الأعلى والقمة الشاهقة من ________________________________________