[429] وكان هذا الحكم يعمل به في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) وعهدي أبي بكر وخليفته عمر ومدة من عهد عثمان، وفي النصف الثاني من خلافة عثمان أتم الصلاة وهو في منى مسافرا، وتبعه المسلمون في ذلك، وخالفه آخرون واعترضوا عليه مستنكرين في الأتمام في السفر. وروى الطبري عن ابن عباس أنه قال: إن أول ما استنكر على عثمان هو إتمامه الصلاة في منى، وهو مسافر إليها، وأخذ عليه في ذلك، حتى كان هذا العمل منطلق ثورة المسلمين عليه (1). وقد ذكر المحدثون والمؤرخون والمفسرون في كتبهم تغيير وتحريف عثمان لحكم صلاة المسافر. وكفاك - يا قارئي - من كل ما ورد في هذا الموضوع ثلاث أحاديث أخرجها الشيخان في صحيحيهما: عن عبد الله بن عمر قال: صليت مع النبي بمنى ركعتين وأبي بكر وعمر ومع عثمان صدرا من خلافته ثم أتمها (2). وعن عبد الرحمان بن يزيد يقول: صلى بنا عثمان بن عفان بمنى أربع ركعات فقيل ذلك لعبدالله بن مسعود فاسترجع - (إنا لله وإنا إليه راجعون) (3) - ثم قال: صليت مع ________________________________________ = صلاة السفر، سنن النسائي 3: 116 كتاب تقصير الصلاة في السفر. (1) تاريخ الطبري 4: 267 حوادث عام تسع وعشرين. (2) صحيح البخاري 2: 53 باب ما جاء في التقصير باب الصلاة بمنى، صحيح مسلم 1: 482 كتاب صلاة المسافرين باب (2) باب قصر الصلاة في منى ح 16. (3) إن الاسترجاع عادة ما يقال ويكرر إذا حلت بالأنسان مصيبة أو رزية عظيمة كما يدل على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة آيه 156. وان استرجاع ابن مسعود يكشف عن عظيم التحريف والتغيير الذي حدث في عهد عثمان من تغيير حكم صلاة المسافر كما لاحظت في المتن، وإن هذه المخالفة والتحريف لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونص القرآن لهو من الرزايا والمصائب العظيمة التي حلت بالأسلام والقرآن. المعرب. ________________________________________