[10] فلا دهر يخلقه (1) ولا وصف يحيط به. قد خضعت له رواتب الصعاب في محل تخوم قرارها، وأذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق اقطارها (2). مستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته، وبعجزها على قدرته، وبفطورها على قدمته، وبزوالها على بقائه، فلا محيص عن ادراكه أياها، ولا خروج عن أحاطته بها، ولا أحتجاب عن أحصائه لها، ولا أمتناع من قدرته ________________________________________ (1) أي يبليه ويجعله خلقا من قولهم: (أخلق الثوب أخلاقا) من باب أفعل -: صيره باليا. (2) الراتب: الثابت والجمع الرواتب كثوابت. والصعب: نقيض الذلول. والتخم - كفلس وقفل -: حد الشئ ومنتهاه، والجمع: التخوم - كنجم ونجوم -. والرصين: المحكم الثابت. وأسباب السماء: مراقيها أو نواحيها أو أبوابها. والشواهق: جمع شاهق: المرتفع من الجبال والأبنية وغيرها، فرواتب الصعاب أشارة الى الجبال الشاهقة التي تشبه الأبل الصعاب حيث أثبتها بعروقها الى منتهي الأرض. ويحتمل أن تكون أشارة الى جميع الأسباب الأرضية من الجبال والماء والثور والسمكة والصخرة وغيرها حيث أثبت كل منها في مقرها بحيث لا يزول عنه ولا يتزلزل ولا يضطرب وإنما عبر عنها بالصعاب أشارة الى من شأنها أن تضطرب وتزلزل لولا أن الله أثبتها بقدرته. ورواصن الأسباب أشارة الى الأسباب السماوية من الافلاك والكواكب حيث رتبها على نظام لا يختل ولا يتبدل ولا يختلف ولذا أورد عليه السلام في الأول التخوم وفي الثاني الشواهق وما بعد ذلك من الفقرات مؤكدة لما مر. ________________________________________