[ 231 ] وذكر القاضى أبو الحسين في كتابه قال: حدثنى أبى عن أبى قلابة المحدث قال: ضقت ضيقة شديدة فأصبحت ذات يوم والمطر يجئ كأفواه القرب والاولاد يتضورون جوعا وما عندي حبة واحدة أتقوتها فبقيت متحيرا في أمرى فخرجت فجلست في دهليز وفتحت بابى وجعلت أفكر في أمرى ونفسي تكاد تخرج غماما أنا فيه وليس يسلك الطريق أحد لشدة المطر، فإذا بامرأة على حمار فاره وخادم أسود آخذ بلجام الحمار، والحمار يخوض في الوحل فلما صار بحذائي سلم على وقال: أين منزل فلان ؟ فقلت: هذا منزله وأنا هو. فسألتني المرأة عن مسألة فأفتيتها بها فصادف ذلك ما أحبت فأخرجت من حفها خريطة ودفعت إلى منها ثلاثين دينارا، ثم قالت يا أبا قلابة: سبحان خالقك لقد تنوق في قبح وجهك وانصرفت * وحدثني أبو القاسم التنوخى في المذاكرة بإسناد ذهب عن حفظى قال: كان أحمد بن أبى خالد بغيضا قبيح التهجم، وكان مع ذلك حرا، وكان يلزمه رجل متعطل من طلاب التصرف يقال له ابن صالح الاضخم من وجوه الكتاب فحدث قال: لما آلت بى العطلة في أيام المأمون والوزير إذ ذاك أحمد بن أبى خالد، وضاقت حالى حتى خشيت التكشف فبكرت إلى أحمد بن أبى خالد مغلسا لاكلمه في أمرى فرأيت بابه قد فتح، وخرج وبين يديه بريد المأمون، فلما نظرني أنكر بكورى وعبس وجهه وقال: في الدنيا أحد بكر هذا البكور ليشغلنا عن أمرنا ؟. فلم تصبر نفسي أن قلت: ليس العجب منك أصلحك الله فيما استقبلتني به، وإنما العجب منى كيف أسهرت نفسي ليلتى وأسهرت من في دارى تأميلا لك وتوقعا للصبح لاصير اليك وأبثك أمرى فأستعين بك على إصلاح حالى، وحلفت يمينا غليظة أن وقفت ببابك أو سألتك حاجة حتى تصير إلى معتذرا مما كلمتني به. وانصرفت مغموما مكروبا بما لقيني به متذمما على ما فرط منى غير شاك في العطب إذ كنت لا أقدر على الحنث، وكان ابن أبى خالد لا يلتفت إلى تبرئة قسمي فإنى كذلك وقد طلعت الشمس إذ دخل بعض غلماني وقال: أحمد بن أبى خالد مقبل في الشارع، ثم دخل آخر فقال: قد دخل دارنا، ثم آخر فقال قد وقف على الباب، ثم تبادر الغلمان يدخلون الدهليز فخرجت مستقبلا له. فلما استقر في مجلسه من دارى ________________________________________