[ 6 ] وهناك عامل ثان مهم في إبادة التراث القديم وإفنائه، وهو الجهل. الجهل بالكتب وبما فيها.. الجهل بالعلوم التي كانت تلك الكتب تعالجها. الجهل بالجهود العظيمة التي بذلها كبار العلماء في سبيل تدوين تلك الكتب. الجهل الذي سبب محاربة الكثيرين لعلوم خاصة كانت لا ترق لهم فأصبحوا يحاربون بسببها المدونات في تلك العلوم ويسعون جهدهم في إبادتها ومحوها من الوجود.. وللجهل هذا مظاهر مختلفة، ولافناء الكتب بسبب هذا الجهل طرق شتى لا يعنينا في هذه العجالة التحدث عنا.. * * * والبقية الباقية من هذا التراث القيم. أين هي ؟ ؟ إنها مخطوطات موزعة في شتى أنحاء العالم يفتخر أصحاب المكتبات أنهم يملكونها وهي في حيازتهم.. ثم ماذا ؟ ؟ ثم الغبار المتراكم على هذه الثروات العظيمة والرطوبة السارية فيها. وأخيرا هي مضغة شهية للارضة - قاتلها الله. هذه مكتبة (فلان) جعلوها في الطابق الاسفل من البيت بعد موته، وفي غرفة كانت أنزل من ساحة البيت، ففاضت الغرفة بالامطار وأصبحت الكتب المصطفة على أرض الغرفة كأنها قطعة من الجين، وأدرجت هذه الثروة الهائلة من التراث الاسلامي في قائمة النفائس المبادة. وهذه مكتبة (فلان) الغنية بالمؤلفات الاثرية الثمينة هي وقف على الذرية، فحرصت الذرية (الطاهرة !) على الاحتفاظ بها، فجعلتها في غرفة وأوصدت أبوابها على الناس أجمعين ولم تتعهدها تعهدا كافيا، حتى لم يبق منها إلا أشلاء مبعثرة هي البقية مما ارتزقت به الارضة.. ________________________________________