ص 28 29 من امر البعث والحساب والجزاء أي وما خلقناهما وما بينهما من المخلوقات على هذا النظام البديع الذي تحار في فهمه العقول خلقا باطلا أي خاليا عن الغاية الجليلة والحكمة الباهرة بل منطويا على الحق المبين والحكم البالغة حيث خلقنا من بين ما خلقنا نفوسا أودعناها العقل والتمييز بين الحق والباطل والنافع والضار ومكناها من التصرفات العلمية والعملية في استجلاب منافعها واستدفاع مضارها ونصبنا للحق دلائل آفافية وانفسية ومنحناها القدرة على الاستشهاد بها ثم لم نقتصر على ذلك المقدار من الالطاف بل ارسلنا اليها رسلا وانزلنا عليها كتابا بينا فيها كل دقيق وجليل وازحنا عللها بالكلية وعرضناها بالتكليف للمنافع العظيمة واعددنا لها عاقبة وجزاء على حسب اعمالها ذلك اشارة الى ما نفي من خلق ما ذكر باطلا ظن الذين كفروا أي مظنونهم فإن جحودهم بأمر البعث والجزاء الذي عليه يدور فلك تكوين العالم قول منهم ببطلان خلق ما ذكر وخلوه عن الحكمة سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا فويل للذين كفروا مبتدا وخبر والفاء لافادة ترتب ثبوت الويل لهم على ظنهم الباطل كما ان وضع الموصول موضع ضميرهم للاشعار بما في حيز الصلة بعلية كفرهم له ولا تنافي بينهما لان ظنهم من باب كفرهم ومن في قوله تعالى من النار تعليلية كما في قوله تعالى فويل لهم مما كتبت ايديهم ونظائره مفيدة لعلية النار لثبوت الويل لهم صريحا بعد الاشعار بعلية ما يؤدي اليها من ظنهم وكفرهم أي فويل لهم بسبب النار المترتبة على ظنهم وكفرهم ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض ام منقطعة وما فيها من بل للاضراب الانتقالي عن تقرير امر البعث والحساب والجزاء بما مر من نفي خلق العالم خاليا عن الحكم والمصالح الى تقريره وتحقيقه بما في الهمزة من انكار التسوية بين الفريقين ونفيها على ابلغ وجه وآكده أي بل أنجعل المؤمنين المصلحين كالكفرة المفسدين في اقطار الارض كما يقتضيه عدم البعث وما يترتب عليه من الجزاء لاستواء الفريقين في التمتع بالحياة الدنيا بل الكفرة اوفر حظا منها من المؤمنين لكن ذلك الجعل محال فتعين البعث والجزاء حتما لرفع الاولين الى اعلى عليين ورد الآخرين الى اسفل سافلين وقوله تعالى ام نجعل المتقين كالفجار اضراب وانتقال عن اثبات ما ذكر بلزوم المحال الذي هو التسوية بين الفريقين المذكورين على الاطلاق الى اثباته بلزوم ما هو اظهر منه استحالة وهو التسوية بين اتقياء المؤمنين واشقياء الكفرة وحمل الفجار على فجرة المؤمنين مما لا يساعده المقام ويجوز ان يراد بهذين الفريقين عين الاولين ويكون التكرير باعتبار وصفين آخرين هما ادخل في انكار التسوية من الوصفين الاولين وقيل قال كفار قريش للمؤمنين انا نعطي في الآخرة من الخير ما تعطون فنزلت كتاب خبر مبتدا محذوف هو عبارة عن القرآن او السورة وقوله تعالى انزلناه اليك صفته