ص 6 7 وواظبوا على عبادتهم كابرا عن كابر فإن هذا مدار كل ما يأتون وما يذرون من أمور دينهم هو التقليد والاعتياد فيعدون ما يخالف ما اعتادوه عجيبا بل محالا وأما جعل مدار تعجبهم عدم وفاء علم الواحد وقدرته بالاشياء الكثيرة فلا وجه له لما أنهم لا يدعون أن لالهتهم علما وقدرة ومدخلا في حدوث شئ من الاشياء حتى يلزم من نفى ألوهيتهم بقاء الآثار بلا مؤثر وقرئ عجاب بالتشديد وهو أبلغ ككرام وكرام روى انه لما أسلم عمر رضى الله عنه شق ذلك على قريش فاجتمع خمسة وعشرون من صناديدهم فأتوا ابا طالب فقالوا انت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وقد جئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك فاستحضر رسول الله وقال يا أبن اخى هؤلاء قومك يسالونك السؤال فلا تمل كل الميل على قومك فقال ماذا تسألوننى قالوا رفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك فقال أرايتم إن أعطيتكم ما سألتم امعطى انتم كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم قالوا نعم وعشرا فقال قولوا لا إله إلا الله فقاموا وقالوا ذلك وانطلق الملأ منهم أي وانطلق الاشراف من قريش عن مجلس ابي طالب بعد ما بكتهم رسول الله بالجواب العتيد وشاهدوا تصلبه في الدين وعزيمته على أن يظهره على الدين كله ويئسوا مما كانوا يرجونه بتوسط ابى طالب من المصالحة على الوجه المذكور ان امشوا أي قائلين بعضهم لبعض على وجه النصيحة امشوا واصبروا عل آلهتكم أي واثبتوا على عبادتها متحملين لما تسمعونه في حقها من القدح وأن هي المفسرة لأن الانطلاق عن مجلس التقاول لا يخلو عن القول وقيل المراد بالانطلاق الاندفاع في القول وامشوا من مشت المرأة إذا كثرت ولادتها ومنه الماشية للتفاؤل أي اجتمعوا وكثروا وقرئ امشوا بغير أن على إضمار القول وقرئ يمشون ان اصبروا إن هذا الشيء يراد تعليل للأمر بالصبر او لوجوب الامتثال به أي هذا الذي شاهدناه من محمد من أمر التوحيد ونفى آلهتنا وإبطال امرها لشئ يراد أي من جهته إمضاؤه وتنفيذه لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه لاقول يقال من طرف اللسان أو أمر يرجى فيه المسامحة بشفاعة أو امتنان فاقطعوا أطماعكم عن استنزاله من رأيه بوساطة ابي طالب وشفاعته وحسبكم أن لا تمنعوا من عبادة آلهتكم بالكلية فاصبروا عليها وتحملوا ما تسمعونه في حقها من القدح وسوء القالة وقيل إن هذا الأمر لشئ يريده الله تعالى ويحكم بإمضائه وما أراد الله كونه فلا مرد له ولا ينفع فيه إلا الصبر وقيل إن هذا الأمر لشئ من نوائب الدهر يراد بنا فلا انفكاك لنا منه وقيل إن دينكم لشئ يراد أي يطلب ليؤخذ منكم وتغلبوا عليه وقيل إن هذا الذي يدعيه من التوحيد أو يقصده من الرياسة والترفع على العرب والعجم لشئ يتمنى ويريده كل أحد فتامل في هذه الاقاويل واختر منها ما يساعده النظم الجليل ما سمعنا بهذا الذي يقوله في الملة الآخرة أي الملة النصرانية التي هي آخر الملل فإنهم مثلثة او في الملة التي