من ناحية العنوان الأوّلي. وبعد الفراغ من دراسة الحكم الأوّلي سوف نتعرّض خلال هذا البحث إلى الحكم الثانوي في هذه المسألة التابع للعناوين الثانوية في ضوء الضرورات الدولية، وضروريات المنطقة بعد وضوح الحكم الأوّلي فيها ; كي يتسنّى لنا أن نقتصر في الخروج عما يقتضيه الحكم الأوّلي إلى الحكم الثانوي بمقدار الضرورات المقدّرة في العنوان الثانوي، ونعود إلى الحكم الأوّلي كلّما انتفى العنوان الثانوي أو شككنا في تحقّقه. تحرير محلّ النزاع لهذه المسألة فروض غير واقعية يتحدّث عن حكمها الفقهاء، ولا نعتقد أنّ هذه الفروض قد وقعت في وقت مضى أو أنّها ستقع مستقبلاً، من قبيل: أن يتصدّى شخصان للحكم في دائرة إدارية وسياسية واحدة، كلٌّ منهما بالاستقلال عن الآخر. أو يتصدّيا في دائرة واحدة، بشرط أن يكسب كلٌّ منهما موافقة الآخر قبل إصدار الحكم واتّخاذ القرار. وأمثال ذلك من الفروض النادرة، والتي هي من سنخ الافتراضات النظرية. وعليه، أرى من المفيد أن أبتعد عن الفروض النظرية العديدة لهذه المسألة، وأدخل مباشرة في البحث عن الحالة الوحيدة التي حصلت كثيراً في التاريخ الإسلامي، ونقدّر أنّها ستحدث فيما بعد أيضاً، وهي: أن يتصدّى شخصان أو أكثر للحكم في دوائر سياسية وإدارية عديدة من العالم الإسلامي، كلٌّ منهم يتصدّى للحكم بصورة مستقلّة عن الآخر. وأول من دعى إلى هذا النهج من التعددّية في الحكم: الأنصار في سقيفة بني ساعدة، عندما فشل مرشّحهم سعد بن عبادة في إحراز الخلافة يومئذ، فقال الأنصار: (منّا أمير ومنكم أمير) وطلبوا أن يكون لهم أمير وللمهاجرين أمير، فقال