والواقع أنّ هناك شواهد كثيرة تدلّ على وجود لآل البيت في مصر، خاصّةً الذين ثار حول دفنهم الخلاف. والحسن الأنور ـ من خلال ضريحه ومسجده ـ في التاريخ والمعمار تجعلنا نقول: إنّ إثبات دفنه أو نقل جسده الطاهر إلى مصر يحتاج إلى أبحاث المجتهدين. * * * إنّ أقدم تاريخ عثرت عليه لجامع سيدي حسن الأنور، منذ أيام دولة المماليك البحرية، في القرن الثامن الهجري، وفي عصر الناصر محمد بن قلاوون، أي منذ حوالي ستة قرون. وليس معنى ذلك أنّ الجامع قد بدأ بناؤه في هذا التاريخ، وإنّما قبل ذلك. يدلّ على ذلك ما ورد في خطط علي مبارك، إذ يقول: عمّره القاضي فخر الدين محمد بن فضل الله، ناظر الجيش باسم الملك الناصر محمد بن قلاوون، وانتهت عمارته سنة 712هـ ، وأُقيمت فيه الجمعة حينئذ، وله أربعة أبواب، وفيه 137 عموداً، وذرعه أحد عشر ألف ذراع وخمسمائة ذراع، بذراع العمل، وما برح من أحسن المنتزهات إلى أن خرب ما حوله[565]. لكن لسبب أو لآخر، فإنّ ما أقامه قلاوون سقط أيضاً، مع أنّ الجامع كما يقول الشعراني: «كانت مساحته كبيرة، وكان حوله بساتين من أجمل المنتزهات..» ويؤكّد ذلك علي مبارك حين يقول: «.. ثم زالت آثاره بالكلية، وقيل ـ أي الجامع ـ : كان محلّ السبع سواقي ذات البناء الضخم بجوار فم الخليج، التي تنقل الماء من النيل إلى مجراة القلعة. ويدلّل على ذلك ما اشتهر من أنّ الفرنساوية زمن دخولهم مصر وجدوا هناك كثيراً من العمد الرخام الضخمة، وأحجاراً، ونحو ذلك»[566]. لكن عمارة المماليك سرعان ما انهارت هي أيضاً، بعد حوالي أربعة قرون ونصف.