فتساقطت النخلة رطباً جنياً. فلمّا ولدته ذهب الشيطان، فأخبر بني إسرائيل أنّ مريم ولدت، فلمّا أرادوها على الكلام أشارت إلى عيسى، فتكلّم عيسى، فقال: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا)[15]، فلمّا ولد عيسى لم يبق في الأرض صنم يعبد من دون الله إلاّ وقع ساجداً لوجهه.[16] 8 ـ عكرمة بن خالد المخزومي، قال: لمّا ولد عيسى بن مريم ليس شيء يعبد من دون الله إلاّ خرّ على وجهه، ففزعت لذلك الشياطين، واجتمعوا إلى إبليس، فأخبروه، فرعب، فإذا بعيسى (عليه السلام) في مهده، فأراده، فحال الله بينه وبينه بملائكته، فقال له إبليس: أتعرفني؟ فقال: نعم، أنت إبليس، قال: صدقت.[17] 9 ـ وهب بن منبه، قال: سألني ابن عبّاس عن عيسى بن مريم، وعن ميلاده، وعن لقيه إبليس بعقبة بيت المقدس، وعن نعت الإسلام، وعن صفة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الإنجيل، فقلت: نعم، إنّ إبليس عدوّ الله اتّخذ مجلساً على اللجّة الخضراء، ثمّ بثّ شياطينه في ولد آدم، فقال: انطلقوا فأتوني بأحداث الدنيا، فأتوه بجماعتهم لستّ ساعات مضين من النهار، فقال: أخبروني عمّا كنت وجّهتكم، فقال: سيّدنا، كانت الأصنام بغيتنا ورجاء لضلالة ابن آدم، فلم يبق صنم إلاّ أصبح منكوساً، قد انحدرت حدقتاه على وجنتيه، فساء ظنّنا وأسقط في أيدينا، فأتوه لستّ ساعات مضين من النهار، فقال لهم إبليس: على رسلكم، أعلم علم ما أتيتموني، وكان ذلك ليلة ولد عيسى بن مريم في ثلاث عشرة ليلة مضت من ذي القعدة، فخرّت الأصنام كلّها سحباً، وتنكّس كلّ صنم كان يعبد من دون الله تعالى ما بين المشرق والمغرب، فانطلق إبليس فطار، فغاب عنهم مقدار ثلاث ساعات من النهار، فانصرف إليهم عوده على يديه، فقال: إنّي لم أدع مشارق الأرض ومغاربها، ولا برّها ولا بحرها،