والجمود والمناداة بالاجتهاد والتجديد. ولإيمانه بضرورة الاجتهاد والإصلاح والتجديد وقف موقفا صلبا في وجه الذين ينادون بغلق باب الاجتهاد بقوله: «يجب أن نجتهد وأن نؤمن بأن حاجة اليوم من الفقه واللغة وعقائد الدين غيرها بالأمس وأن نؤمن بأن فضل الله في كل ذلك لم يكن وقفاً على الأولين، وغير صحيح ما يقال إن السابقين حللوا المصادر وقعدوا القواعد وطبقوها على كل ما يمكن أن يجيئ به الزمن ويحدث للناس من أقضية وحاجات»([68]). ولنظرة الشيخ شلتوت العميقة في الاجتهاد وأنه السبيل لتوحيد الأمة الإسلامية لا فرق فيها بين أهل السنة والشيعة طالما أن الجميع مسلمون ويلتزمون العقيدة الإيمانية الصحيحة كان يقول: «انتهى زمن العصبية ولا أنسى أني درست المقارنة بين المذاهب بكلية الشريعة بالأزهر فكنت أعرض آراء المذاهب في المسألة الواحدة وأبرز من بينها مذهب الشيعة، وكثيرا ما كانت أرجح مذهبهم خضوعا لقوة الدليل ولا أنسى أيضاً أني كنت أفتي في كثير من المذاهب بمذهب الشيعة، وأخص منها بالذكر ما نجد الناس في حاجة ملحة إليه وهو فيما يختص بالقدر المحرم من الرضاع كما أخص بالذكر ما تضمنه قانون الأحوال الشخصية من مسائل ومنها على سبيل المثال: الطلاق الثلاث بلفظ واحد فإنه يقع في أكثر المذاهب السنية ثلاثا ولكنه يقع في الشيعة واحدة رجعية وقد رأى القانون العمل به…»([69]). ولكل ما سبق حظى الشيخ شلتوت بمكانه علمية فريدة في عصرة فكان إماما ممتازا في شخصيته، ممتازا في خلقه، ممتازا في فطرته الطبيعية، فأحتل مكانة سامية في فقه الشريعة الإسلامية أتاحت له أن يكون المرجع الأكبر في عصره لطلاب المعرفة في كل ما يتعلق بمشكلات العصر الحديث وموقف الإسلام منها وقد أعانه على بلوغ هذه المنزلة: 1ـ مواهبه الشخصية حيث كان يتمتع بذكاء حاد وذاكرة قوية وحب للبحث والقراءة والاستيعاب، وبصيرة مهلمه في فقه ما يستوعبه من دراسات.