الدين وفروعه كلها قائمة على أصوله التشريعية ومرتبطة بها ارتباطا وثيقا لا فكاك عنه في جميع العصور إلى يوم الدين وإن اختلفت صياغتها وعبارتها عند الفقهاء عن الأُصول القائمة عليها بما يوافق المدارك الإنسانية والعقول البشرية ومصالح العباد في كل زمان ومكان باعتبار أن هذه الفروع هي فقه لهذه الأُصول التشريعية وتفسير لها حسب أصول التفسير وقواعده الشرعية التي دل عليها الشرع الحكيم بطريق النص أو العقل الذي يوافقه الشرع. وهذا التفسير بمداركه الفقهية المتعددة هو ما يعبر عنه بالمذاهب الفقهية في الشريعة الإسلامية المنسوبة إلى أصحابها. ولهذا كانت الفروع الفقهية لأصول الشريعة الإسلامية في كل العصور وحدة واحدة يكمل بعضها البعض ولا يغني إحداها عن الآخر ولا يمكن الفصل بينها فصلا كاملا بأي حال في أي عصر من العصور التشريعية الإسلامية لأنها جميعا لبنات متعددة لبناء واحد كامل وأصل واحد شامل هو نصوص الشريعة الإسلامية عقيدة وشريعة. وكان من الجهل كل الجهل والخطأ كل الخطأ فصل هذه الفروع عن أصولها الشرعية وتركها أو إلغاؤها في أي عصر من العصور الإسلامية مهما تقدمت العلوم والمدارك والعقول البشرية في أي زمان وفي أي مكان ومهما تقدمت الثقافات الإنسانية ومن هنا كانت أهمية تحقيق التراث العلمي الذي يحمى ويحفظ هذه الفروع الفقهية بكل مذاهبها الإسلامية ليظل أصل النبع الفقهي والتشريعي للإسلام والمسلمين نقيا صافيا من كل دخيل أجنبي عنه، ومتصلا مع كل أجيال البشر، ومحققا لهم في مجال العمل والتشريع والتطبيق كل الخير والسلام لكل بني الإنسان مهما بعدت فيما بينهم الديار ومهما اختلفت عندهم الأجناس والألسنة والألوان مادام دين الله الإسلام، وشرعه بأصوله التشريعية وفروعه الفقهية هو الذي يحكم بينهم في كل الأحوال. وبهذا فإنه لا غنى عن هذا التشريع في مجال التطبيق والعمل والتنفيذ لكل إنسان في أي زمان وفي أي مكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولقد آمن فقهاء الإسلام على مر العصور قديما وحديثا بذلك وعرفوا مكانة الفقه