مقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين. وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله الهادي الأمين الذي بعثه الله رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهدية وعمل بسنته وتمسك بشريعته إلى يوم الدين (وبعد). فإن الفقه في الدين من أجمل وأعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده المؤمنين المخلصين لأنه يحقق الخير للإنسان في كل أمور الدنيا والدين ومن فقه دينه من المسلمين فقه دنياه ودانت له بعز ومجد واستخلفها له خلافة شرعية وهي مسخره له بأمر ربه ومولاه يعمرها ويستخرج منها كل خيراتها وكنوزها زينة له ومنفعة لدينه ودنياه وطاعة لله في قوله تعالى (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) وقوله سبحانه (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق). وقوله تعالى (المال والبنون زينة الحياة الدنيا). وقد أمر الله بالتفقه في الدين ورغب فيه عباده المؤمنين وحثهم عليه بقوله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون). وإن مكانة العلماء الذين رفعهم الله لهذه المنزلة الرفيعة التي قرنها سبحانه وتعالى باسمه وذاته العلية وملائكته الكرام وشهدوا له بالوحدانية كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم). لا تتحقق لهؤلاء العلماء هذه المكانة السامية بغير الفقه في الدين ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين). والفقه في الدين له أصول وفروع وأصوله ثابتة لا تعديل ولا تبديل ولا تغيير فيها إلى يوم